في لقاء جمعني بصديقتي النجدية «زرقاء اليمامة» أمس، أخبرتني عن «رجل ثائر غاضباً، كان قد علّق على ظهره درعاً برونزياً، يقف متمسكاً بألجمة ذهبية على مركبة حربية قديمة بعجلتين، تجرها جياد أربعة، تنفث النيران من فمها، فيما يحوم حوله ثلاثة، النسر والبومة ونقار الخشب!!»، تقول اليمامة: «إنه قادم على مسيرة يومين نحو الرياض»!!
إنه «آريز» إله الحرب، إله حشد الجنود والقوات المسلحة لخوض المعارك، أحسبه قد قفز على الزمن، وتخطى المسافات الطوال، لحضور القمة التشاورية الـ15 لزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، التي تستضيفها الرياض الثلاثاء القادم. صحيح أنه ليس ثمة أجندات أعمال للقمم التشاورية، ولكن القمة هذه المرة حتماً لن تكون بعيدة عن الحرب وقضاياها في حضرة الإله «آريز» وفي ظل ما تشهده المنطقة من أزمات خانقة.
ما يميز القمة التشاورية الخليجية هذه المرة أنها تجيء في أعقاب «عاصفة الحزم» واستعادة النفوذ الخليجي في المنطقة إلى حد كبير، وقبيل مراحل قادمة تشي بأهمية التخطيط الاستراتيجي والتحضير العسكري متزامنة مع صفقات تسلح جديدة تعقدها دول الخليج، ما يدعو لاستشراف دق طبول حرب قادمة، ولا شك في أن التمثيل في هذه القمة تحديداً يتطلب أن يكون على قدر أهمية المرحلة، ويستلزم بدء التعبئة فور فضّها.
الجديد في الأمر والذي يرفع من وتيرة الحماس والترقب، أنها القمة التشاورية الأولى من نوعها منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم، ولذلك فإنها الفرصة السانحة ليقابل العالم أجمع وجه السعودية الجديد، وقياساً على ما تمّ تحقيقه من منجزات ومواقف عظام في فترة زمنية وجيزة لتوليه الحكم، ولا شك في أن المرتقب سيكون له اليد الطولى في استعادة المكانة الخليجية في المنطقة في وقت قريب، فضلاً عن الإسهام في حلحلة كثير من الأزمات التي يمر بها الخليج العربي بشكل خاص، والمنطقة العربية عموماً.
اختلاج النبض:
إننا عندما نقف على محطات من تاريخ التشاوريات السابقة، نتذكر جيداً كيف أسهمت في حلّ كثير من القضايا الشائكة والعالقة، كأزمة السفراء، ومعظم الخلافات الأخرى، ولذلك أرى أن القمة القادمة ستحقق نجاحاً ملحوظاً، وستشهد تقريراً حاسماً لمصير الشعب الخليحي، وفضلاً عن ذلك، ستكون جديرة بحجم التعويل الذي يلقي به أبناء الخليج العربي على قادتهم، لما يتمتعون به من قدرة وحنكة، لاسيما في ظل استقرار الداخل الخليجي الذي لم يشهد انسجاماً وصياغة مشتركة للمواقف تجاه القضايا السياسية المختلفة، كما هو الحال اليوم، وقبله خلال أزمة الخليج إبان الغزو العراقي للكويت مطلع تسعينيات القرن الماضي.