تقف دول الخليج العربي أمام تحدٍّ كبير يتعلق بمد «ولاية الفقيه» المعادية للسنة، والطابع القومي الفارسي المعادي للعرب، وهما المكون الأساس للسياسة الخارجية الإيرانية، والتي يتم تفعيلها عبر وزارة الخارجية والحرس الثوري وقوات الباسيج والسافاك، وفوقهم المرشد الأعلى، ويعتمد كليهما على منهج «تصدير الثورة» الذي اعتمده الخميني منذ قيام الثورة الإسلامية في عام 1979، الأمر الذي يتطلب إستراتيجية عربية إسلامية، تكبح جماح هذا الأخطبوط الساعي للسيطرة على المنطقة تدفعه رؤى طائفية بغيضة، وأنوية قومية متجذرة.
والترويج للخطاب العنصري المعادي للعرب موجود في إيران، منذ ما بعد اجتياح العرب المسلمين للمدن الفارسية وإسقاطهم إيوان كسرى وعروشه، وغذى ذلك وعمقه القوميون والشعوبيون ومنهم مسلمون، ويؤكد ذلك ما ذهب إليه المفكّر الإيراني البارز الأستاذ بجامعة طهران صادق زيبا كلام خلال مقابلتين أجراهما في عام 2011 مع أسبوعية «صبح آزادي» الإيرانية، إذ قال «يبدو أننا كإيرانيين لم ننس بعد هزيمتنا التاريخية أمام العرب ولم ننس القادسية بعد مرور 1400 عام عليها، فنخفي في أعماقنا ضغينة وحقداً دفينين تجاه العرب وكأنها نار تحت الرماد قد تتحول إلى لهيب كلما سنحت لها الفرصة»، مؤكداً «أعتقد أن الكثير من الإيرانيين يكرهون العرب، ولا فرق بين المتدين وغير المتدين في هذا المجال».
ثم فيما بعد جاءت توصيفات رئيس تحرير وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية حسن هاني زاده، خلال شهر مارس الماضي، للعرب، وهي تحمل في طياتها عمق الكراهية للعرب، وتبين المدى الذي وصلت إليه، إذ دعا العراقيين لترك «العروبة المزيفة الجاهلية وتراب الذل العربي» وتغيير ملابسهم بعيداً عن «الدشداشة والكوفية».
أعادت حادثة الشابان الإيرانيان في مطار جدة في 29 مارس الماضي، وإدعاءهما بالتعرض للتحرش الجنسي في مطار الملك عبدالعزيز الدولي، إلى السطح هذه الكراهية لدى الإيرانيين تجاه العرب، إذ شنت وسائل إعلام إيرانية هجمة عنصرية واسعة معادية للعرب.
ووفقاً لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران فإن الحملة «شملت مطرباً يدعى «بهزاد بكس» فضلاً عن إمام جمعة أصفهان، محمد تقي رهبر، حيث حرض المطرب على قتل العرب بينما وجه الإمام إساءات قبيحة للمواطنين العرب»، وتزامناً مع هذه الحملة شنت قوات الأمن اعتقالات واسعة ضد العديد من المثقفين والنشطاء العرب في الأحواز.
الاستراتيجية العربية الإسلامية المطلوبة تبدأ بإجراء دراسات ومسوحات عميقة عن هذه الظاهرة ومسببات تناميها وأبعادها في الداخل الإيراني وتأثيراتها على عرب الأحواز، وبعدها في السياسات الإيرانية تجاه الدول العربية والإسلامية، ووضع الحلول المناسبة التي تضع حداً لغلواء طهران.
إن الممتبع للسياسات الإيرانية يلمس بوضوح بعد «ظاهرة الكراهية» في ردود فعلها على أي تصريحات أو أفعال تصدر من الدول العربية أو الإسلامية، خاصة دول الخليج العربي، وهو أمر يعمق الأمر بين الطرفين.