لم يكن تأثير «عاصفة الحزم» بقوتها ودلالاتها السياسية والعسكرية مقتصراً على اليمن والسعودية وحسب، الصورة أبعد من ذلك بكثير «حتى وإن أرسلت طهران سفنها البحرية إلى خليج عدن لتقف بعيداً وتصطاد السمك»..! رسائل «عاصفة الحزم» وصلت إلى أمريكا وروسيا وأوروبا، والصين شرقاً، هذه الرسائل أظهرت قوة وحزم الموقف العربي والسعودي تحديداً، وأن الأيادي التي ستصل إلى حدود السعودية والخليج ستقطع، كانت من الدولة الصفوية الفارسية وعملائها بالمنطقة، أو من أي جهة أخرى.
بعيداً عن كل ذلك، وبعيداً عن الصورة الكبيرة، فإن الصورة الصغيرة بالنسبة إلينا في البحرين أظهرت أن «عاصفة الحزم» وكأنها أتت بـ«ضربة موجعة على رأس» من كان يظن أن البحرين منفصلة عن محيطها الإقليمي، أو أن يكون لخروج بضعة نفر لتدخين «القدو والنرجيلة والشيشة» أو للقاءات في «الخيمة 6» أن ينقلبوا على الحكم، وعلى أهل البحرين، ويصبح لهم صوت ويقرروا مصير أهل البحرين جميعاً.
ناهيك عن الرقم الصعب في المعادلة المحلية، وهو شارع الفاتح «وليس جمعية الفاتح» هذا الشارع أيضاً له موقف وله دور كبير جداً، وقد تم إغفاله وعدم حساب جماهيريته وقوته وحجمه، حتى خرج خروجه الأول المزلزل والذي قلب المعادلة بشكل كبير ومفزع بالنسبة للانقلابيين.
تأثير «عاصفة الحزم» ظهر على شركاء الأمس، حلفاء الأمس، قادة ومؤيدي الانقلاب، الذين انقادوا «برغم عمرهم وتجربتهم» إلى مراهقة الشارع فأخذوا يرجمون بعضهم البعض بالحجارة، هذا يلوم، وتلك تتهم، وآخر يصحو من الحلم القديم ويخرج لنا بمقال انهزامي انبطاحي «يناقض بشكل كبير مقالات الأزمة ومواقف الصحيفة قبل وبعد فبراير 2011»، ويظهر بشكل جلي وواضح ما فعلت بهم «عاصفة الحزم» وهي باليمن وليست بالبحرين من اختلال في المواقف، واهتزاز وتراجع وكفر بقناعات الدوار.
منيرة فخرو من جمعية «وعد» المتحالفة مع الجمعية الانقلابية رمت بحجارتها على تيارات طالبت في 2011 بإسقاط النظام، ويبدو أنها تقصد «الوفاق» ومشيمع وعبد الوهاب حسين، وربما من حيث تعلم أو لا تعلم، فإنها تقصد «الولي الفقيه» الذي لم يكن شيء يحدث إلا بأمره.
رئيس تحرير الصحيفة الصفراء أيد فخرو وأثنى على كلامها، وكأنه يرجم معها الحجارة في ذات الاتجاه، لكن السؤال هنا أين كانت هذه العقلانية خلال الأزمة والبحرين كانت في عنق الزجاجة، وهناك من أخذ يجتاح المناطق وكأنه يمهد لحرب أهلية؟!
أين كانت هذه العقلنة والدماء كانت تسير في الشوارع، ورجال الأمن يدهسون بالسيارات، وتفجر فيهم القنابل..؟
لماذا لم تخرج الأصوات «الوطنية!!» في ذلك الحين، لماذا كان البعض يمارس إلقاء الحطب على النار، وسكب الزيت على «الجمر»، واليوم يقول إن مطالبات 2011 كانت خاطئة مبالغ فيها ولم تحسب «البعد الإقليمي»..؟
الآن عرفتم البعد الإقليمي فقط؟
الآن عرفتم أننا في منظومة مجلس التعاون، وأن علاقاتنا مع الأردن ومصر والمغرب وباكستان هي علاقات استراتيجية قائمة على أسس قوية؟
ليس البعد الإقليمي فقط، بل البعد المحلي والشعبي، وقوة الدولة وسلطتها، كل ذلك أغفلتموه بمراهقة وطيش كبيرين.
أين ذهب أهل البحرين وشعبها «أهل البحرين صمتوا واحترموا القوانين حباً في وطنهم وامتثالاً لأوامر قادة البلاد».
هل نسيتم الجيش البحريني والحرس الوطني والداخلية؟
أين ذهبت هذه الحسابات وسط مراهقة سياسية غير محسوبة العواقب.
«الحلل بتخبط في بعض» كما يقول إخوتنا في مصر. لم يتوقف «التخبط» بين فخرو وأعضاء بالجمعية الانقلابية أو من تيارات أخرى كـ«الوفاء» وغيرها، بل وصل إلى خارج البحرين فأخذ عباس بوصفوان يوجه كلاماً لاذعاً إلى منيرة فخرو ومن أيد كلامها.
فقد قال في تغريدات له رداً على فخرو «رفعت الجمعيات السياسية شعار المملكة الدستورية في 16 فبراير 2011 وهي دعوة صريحة لإسقاط النظام، وقد صدر ذلك قبل أسبوعين من الدعوة للجمهورية».
وهنا يقول بوصفوان لفخرو «إنكِ أنتِ كنتِ مع إسقاط النظام حين رفعت الجمعيات شعار المملكة الدستورية»، وهذا ما تنصلت منه فخرو مؤخراً، وقالت بما معناه إن «هناك مبالغة في رفع سقف المطالب»..!
سبحانك يارب، جعلت كيدهم ومؤامراتهم في نحورهم، كانوا يمكرون، لكن كما جاء في القرآن الكريم «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين». وصل بهم الغرور إلى احتلال المنامة، وتطويق الوزارات، والزحف على الرفاع، وظنوا أن أمريكا في ذلك الوقت منحتهم الضوء الأخضر للانقلاب، فرفعوا الصوت بالمطالبات، لكن الله دمرهم، وجعل مؤامراتهم تفشل وجعل «خبث الوجوه» ينكشف، حتى وصلنا إلى التقاذف بين من كانوا يضعون أياديهم في أيادي بعض فوق منصة الدوار. فكيف لدوار أن ينتج دولة، وينتج نظاماً نزيهاً، وينتج حضارة وهو قائم على الـ «.....»، احتلوا الدوار، وظنوا أنهم احتلوا البحرين، مول بعض التجار الذين «كبرتهم الدولة، وصعدتهم وأعطتهم المناقصات والعقود سنوات طويلة»، مولوا الدوار، حتى أصبح مرتعاً للقاذورات «ويقال إن وزيراً في ذلك الوقت وضع لهم حمامات عمومية بعد أن أمره أعضاء بالوفاق ذلك، ففعل خوفاً من الوفاق، وضع لهم الحمامات أجلكم الله.. خبركم الوفاق حريصة على النظافة»..!!
انظروا ماذا فعل بكم رب العباد، فما يقام ويبنى على باطل، لن يكون مصدراً للحق والعدل، إلى هنا وصلتم، وأخذتم ترجمون بعضكم البعض، بينما من تقولون عنهم أنهم رموزكم.. فإنهم يقبعون خلف القضبان، ولا أحد يدري عنهم..!
مكرتم مكركم، لكن مكر الله أكبر، والخسارات قادمة أكثر وأكبر، فقط قليلاً من الوقت، فقد باعكم الجميع ولم يبقَ لكم إلا «دشتي»، وقريباً سيطير..!