كان يتحدث بكل «ثقة» عن أمجاد عائلته وقبيلته بأسلوب أشعرني ومن حولي بالانزعاج.
لا أستطيع أن أنكر أن عائلته تعد من أبرز العوائل التي اشتغلت في التجارة وأسست هي وغيرها من العوائل مفهوم الشركات العائلية في البحرين وساهمت في الاقتصاد البحريني بشكل أو بآخر، ولكن أسلوب الغرور في حديثه دفع أحد الحضور لإحراجه بهذا السؤال؛ لقد تكلمت كثيراً عن أجدادك وآبائك وعائلتكم التي نكن لها كل الاحترام؛ ولكن هل لك أن تطلعنا على أبرز المشاريع التي قامت بها عائلتكم في مجال المسؤولية الاجتماعية؟
ضحك وقال: نحن ندعم الاقتصاد البحريني بتوفير فرص عمل للبحرينيين، ناهيك عن أننا نساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي عن طريق دعم وتطوير خطوط الإنتاج والمساهمة في الاقتصاد عبر شركتنا المنتشرة في أنحاء المملكة، قاطعه نفس الشخص مرة أخرى وقال له: ما هو العائد المباشر الذي يلامس المواطن من استثماراتكم؟ لم نسمع عن مركز طبي أو قاعة مناسبات باسم عائلتكم التي تتفاخر بها منذ الصباح بل لم تطالعنا الصحف قط بأن عائلتكم تكلفت عناء كرسي متحرك لمريض.
ثار غضب الشخص المغرور وبدت عليه ملامح الغصب فرفع صوته مهاجماً الشخص السائل «ليس من الضروري أن نضع اسم عائلتنا على أي مشروع خيري نقوم به؛ نحن نطلب الأجر من رب العالمين وليس من العباد» قالها بأسلوب استفزازي زاد الوضع سوءاً ووتر الجو العام للنقاش.
فقام شخص آخر وهاجم هذا المغرور ابن التجار وقال له «أتفق معك بأن الصدقات وزكاة المال من المفضل أن توزع في صمت وخفاء وأتفق معك بأنك تضعها بين يدي الله، ولكنكم تجار وليس من المعيب أن تضعوا اسم عائلتكم على المشاريع الخيرية التي تقومون بها لتحثوا التجار الباقين ليحذوا حذوكم، لدينا عوائل بحرينية معروفة في مجال العمل الخيري ونرى مشاريعهم الخيرية في كل مكان، حيث إنهم شركاء ومساندون لحكومتنا الرشيدة في توفير سيارات الإسعاف وبناء الوحدات الطبية المتخصصة وبناء القاعات لمختلف المناسبات في معظم مناطق البحرين ناهيك عن المساجد وغيرها، وبالفعل لم نسمع عن عائلتكم الكريمة التي تمتلك حصة كبيرة من التجارة في البحرين على أي مشروع خيري فأخبرنا بإنجازات أهلك في هذا المجال بدلاً من المفاخرة و«المهايط»!».
استشاط التاجر غضباً وهو الذي اعتاد أن يحظى برعاية خاصة في أي مكان يتوافد إليه وقال «نحن لا نرد أي مواطن يأتي إلى مجالسنا»، فرد عليه أحد الحضور «أهذا هو خيركم.. تنتظرون من الناس السؤال؟ لم لا تبادرون في مشاريع خيرية يستفيد منها الجميع بدلاً من التفنن في ذل المواطنين؟».
فرد بعنجهية وغرور «نحن نتعب ونعمل ونكد ونكدح وتريد منا أن نتقاسم أرباحنا مع الجميع؟ أين العدالة في ذلك؟ إن وضع السوق المحلي حساس جداً»، ووضع رجلاً على الأخرى وأخذ يتمتم «انتو اشعرفكم في التجارة».
مسكين هذا التاجر ولو أن تجارنا غير «حساسين» لذكرت اسم عائلته المشهورة بالتجارة بالفعل؛ ولقمت كذلك بذكر أسماء العوائل البحرينية المشهورة بفعل الخير عن طريق إقامة العديد من المشاريع الخيرية، والتي نكن لها كل احترام وتقدير لما تقدمه للمجتمع البحريني، هذه العوائل التي شيدت لاسم عائلتها سمعة طيبة؛ ليس على مستوى التجارة وحسب بل على المستوى الاجتماعي كعائلة تجارية تهتم بالمجتمع.
من المفارقة أن يطالب التجار الدولة بتوفير جميع المقومات لها وتذليل كل الصعوبات من أجل ازدهار تجارتهم وانتعاشها وتحقيق معدلات ربح مرتفعة، ومع ذلك لا نجد اهتماماً من قبل التجار بالمشاريع الاجتماعية التي تعود بالنفع على المجتمع البحريني.
مطالبات عديدة من التجار وبعض الشركات العائلية في البحرين التي تطلب من الحكومة الدعم دون أن تقدم للمجتمع شيئاً؛ لا دعم لفعاليات مجتمعية أو مبان جامعية أو مدرسية أو صحية، مع العلم بأن جميع هذه الشركات يمتلكها بحرينيون مسلمون من المفترض أن يؤدوا زكاة أموالهم التي تقدر بآلاف الدنانير، لا أشكك مطلقاً في ما يقوم به بعض التجار من أعمال الخير في الخفاء، ولكني أشيد بمبدأ الكشف عن الأعمال الخيرية والمجتمعية التي يقوم بها التجار للمشاركة في خدمة المجتمع لكي تؤرخ كل عائلة تجارية ما قامت به وليكون التاريخ شاهداً لها على ذلك.