هناك قصور تشريعي بالفعل.. وهناك حاجة من قبل أعضاء مجلس النواب والشورى على التحرك سريعاً لسد هذه الثغرة القانونية واستبدال القانون الحالي



استعرضنا الأسبوع الماضي في مقالة "كيف تأخذ الدولة ابنتي مني!"؛ قصة البحرينية الهاربة من منزل أهلها والمقيمة حالياً في شقة مع "بويات"، وكانت هناك عدة مفارقات بعد نشر المقال وعدد من الملاحظات التي ألقت الضوء على أبعاد أخرى من هذه القصة نستكملها اليوم.
أولى الملاحظات التي نود إيصالها لرجل الأمن الأول، معالي وزير الداخلية، هي آلية التعامل مع مثل هذه الحالات في مراكز الشرطة والمعاملة غير الجيدة التي يحصل عليها أولياء الأمور عند توجههم لمراكز الشرطة، فعند استعراضهم القضية لا يتم أحياناً توجيههم للمسار الصحيح من خلال اختصار مسألة الانتظار في المركز؛ كالطلب منهم تحرير محضر وتحويله للنيابة أو التوجه للجهات المختصة بالدولة، بل جعلهم ينتظرون مدة طويلة لحين إحضار الفتاة، بل أحياناً حين يصرون على استلامها لا يتم ذلك كالقصة التي تحدثنا عنها إذ نقلت الفتاة باختيارها إلى الشقة التي تقيم فيها، وهي شقة سمع أهلها أنها تستخدم لأغراض الدعارة، والبوية التي منحتها إياها على تواصل مع امرأة مشهورة بتجارة البشر.
وإن كانت هذه القصة التي خرجت على السطح وبرزت في الإعلام فكم من قصص أخرى مغيبة، خاصة أنه وصلنا أن هذه القصة لم تكن الحالة الوحيدة؛ بل كانت هناك حالة أخرى مشابهة منذ سبع سنوات، حيث كانت الفتاه تخرج للقاء حبيبها، وعندما طلب الأهل من الشرطة القبض عليها قيل لهم إن لها حرية التصرف فيما تريد، وعندما مانع الأهل أن تترك ابنتهم في الشارع مع رجل أخذوها إلى أحد المراكز الاجتماعية، وهناك وضعوها مع مطلقات وفتيات قد لا تكون أخلاق بعضهن جيدة فانحرفت أكثر وخرجت من الدار إلى الشارع لتتجه إلى شقق الدعارة.
هناك من يروج أن القانون الذي يتيح للمرأة عندما تتجاوز عمر 21 سنة حرية التصرف وضعه المجلس الأعلى للمرأة، وعندما قام الأهل بالاتصال بالمجلس الأعلى للمرأة نفى المجلس هذا الأمر، حيث أكدت المستشار القانوني بالمجلس أن هناك قصوراً تشريعياً في القانون بالأصل في هذه الناحية وأن المجلس جهة تنفيذية لا تشريعية.
الأم التي يمتلئ كلامها بالأسى تتساءل: منذ أن كنا في المركز يحاولون إلقاء الخطأ علينا، رغم أن ابنتي تتجه إلى شقق وفنادق مع بويات، فما أن يقرأ أحدهم التقرير الذي كتبته ابنتنا ضدنا التي تدعي المظلومية والألم بدعوى أن أحد إخوتها ضربها يصير ضدنا، ألا يفكر أحد المسؤولين أنها تضربنا يومياً بما تفعله في الشارع؟ إن الضرب النفسي علينا، خاصة على أبيها المشلول المليء بالأمراض والحسرة، أشد وقعاً. فقد أخوها أعصابه أمام قلة أدبها وقيامها بتهديد والدها المشلول الذي أخذ يبكي، فمد يده عليها لردعها وتأديبها. ابني قد يكون مخطئ في عرف القانون لأنه ضربها رغم أنه لم يضربها ضرباً مبرحاً، لكن هل معنى هذا أنها ليست مخطئة أيضاً؟ أين القانون الذي يأخذ بحق من يضرب يومياً بهذه المعاناة؟
إن كان القانون الذي يمنحها الحرية يقف في صفها ويقول لنا إنه لم يعد لنا أي حق فيها بعد عمر 21 سنة؛ فأين حقي في ابنتي التي قمت بتربيتها أكثر من عشرين سنة وتعبت عليها ولم أقصر بحقها يوماً لتأتي "بوية" أكبر منها عمراً تستغل قلة خبرتها في الحياة وتقوم بغسل مخها وتأخذها مني إلى الشارع؟ لماذا نشعر أن مراكز الشرطة تقوم بتقوية فتياتنا بالقانون وتقوم بتصرفات شخصية، خاصة وأن ابنتي لم تبلغ 21 سنة قانونياً، فبأي حق يقومون بإعادتها إلى الشارع ونحن نكون المخطئين والمذنبين وهي المظلومة؟ لو حصل لأحد المسؤولين ما حصل معنا هل سيقبل بأن يحاججوه لأنه ضربها، فلها حرية أن تضربه كل يوم في سمعته؟ هل سيقبل أصلاً بمنظر أن تؤخذ ابنته من أمامه وتعاد إلى شقة تنام فيها مع بويات ويسمع كل فترة من أهله أنهم شاهدوها في أحد الفنادق؟ نحن مسلمون وفي مجتمع لا يرحم من تمارس ابنته هذه التصرفات فأين المنطق؟
إن المفارقة الحاصلة في هذه القضية تسلط الضوء أكثر أن هناك قصوراً تشريعياً حاصلاً بالفعل، وأن هناك حاجة من قبل أعضاء مجلس النواب والشورى على التحرك سريعاً لسد هذه الثغرة القانونية واستبدال القانون الحالي، فهذه القصة ليست الحالة الوحيدة الحاصلة، ومثل هذه القصص تكررت في الآونة الأخيرة وباتت الحاجة ملحة لإيجاد سد منيع يمنع تفاقمها بالمستقبل، كما أن المفارقة العجيبة أمام مشهد هذا القانون الذي نفى المجلس الأعلى وجوده على أرض الواقع وتضاربت الآراء بشأنه؛ كيف أن الفتاة التي تتجه إلى شقق للدعارة أو إلى البويات تعاد إليهم لا إلى منزل أهلها بدعوى أن القانون يمنحها حرية ذلك وأنه لا حق لأحد أن يعترض على ذلك حتى لو كانوا أهلها؟