عرفت مملكة البحرين منذ القدم بمكانتها المرموقة على مستوى المنطقة في العديد من المجالات الأساسية؛ منها التعليمية والثقافية والتجارية والصحية والرياضية وغيرها، إلا أن بعض هذه المجالات بدأت المملكة بالتراجع الملحوظ فيها بسبب عدم المسؤولية والتخبطات وغياب الأنظمة والقانون.
التعليم الذي هو أحد العناصر المهمة لتحقيق التنمية والتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وإحدى ركائز رؤية البحرين الاقتصادية الثاقبة للعام 2030، ويعد أحد عناصر القوة لرفعة وازدهار الدولة، إلا أن هناك العديد من التخبطات والفوضى الإدارية في بعض الجامعات الخاصة ساهمت بإلحاق الضرر لدى الكثير من الطلبة والذين هم قبل كل شيء «مواطنون» يجب دعمهم ومساندتهم بدلاً من إحباطهم كما هو الواقع المرير لدى بعض هذه الجامعات الخاصة وللأسف الشديد.
حدثتني مجموعة من الطلبة في إحدى الجامعات الخاصة المرموقة في البلاد، أحدهم ينتظر التصديق على شهادته من قبل التعليم العالي منذ قرابة عام، وطلبة آخرون في قائمة الانتظار منذ أكثر من عامين، والسبب في ذلك عدم إرسال رسالة من الجامعة ممثلة برئيسة التسجيل إلى التعليم العالي تفيد بذلك، والحجة الأخرى من الجامعة بأن الشهادة إلى الآن لم تأت من الدولة الأم لتلك الجامعة، والحجة الأكثر «كوميدية» بأن الشهادة أرسلت للتعليم العالي وهي لم ترسل بالأساس، أي أنهم يتلاعبون بمشاعر هؤلاء الطلبة دون ذرة مشاعر وإحساس والسبب في ذلك غياب قوانين تلزم تلك الجامعات بالانتهاء من كافة إجراءات تصديق الشهادة في فترة زمنية محددة ومعقولة.
ويقول أحد الطلبة بأنه قدم طلباً من الجامعة للحصول على إفادة تخرج مصدقة من التعليم العالي واستغرق الأمر ستة أشهر إلى أن تحصل عليها، وهناك العديد من الطلبة يقومون بالتواصل مع الجامعة من أجل إرسال شهاداتهم إلى التعليم العالي، وبعد ذلك يقوم هؤلاء الطلبة بالتواصل مع التعليم العالي من أجل متابعة مستجدات شهادتهم الجامعية وتصديقها، مع العلم بأن هذا العمل يجب أن يكون منسقاً وفق النظام بين تلك الجامعة الخاصة والتعليم العالي.
هل يعقل بأن هؤلاء الطلبة على قائمة الانتظار لهذه الأشهر والسنوات الضائعة من أعمارهم للحصول على حقهم العلمي، خاصة وأن جهات العمل بحاجة ماسة إلى الشهادة المصدقة من التعليم العالي من أجل التوظيف أو الترقية بالنسبة للطلبة الذين يعملون من جانب، وإعاقة الطلبة الراغبين باستكمال الدراسات العليا من جانب آخر، وكيف تقوم تلك الجامعة بإقامة حفل تخريج من كل عام للطلبة وتكريمهم بشهادات «زينة» وبعض الدفعات السابقة لم يتحصلوا على شهاداتهم المصدقة وكأن المشهد فاصل من «مسرحية» أجبر الطلبة على الاشتراك فيها.
- مسج إعلامي..
الجامعات الخاصة تقوم برفع رسوم التسجيل بين الحين والآخر دون حسيب ولا رقيب، وبعضها تضع رسوم تخرج وقدرها 150 ديناراً والطلبة ينتظرون لسنة وسنتين بعدها للحصول على شهادتهم المصدقة، مع العلم أن كلفة الدراسة لشهادة البكالوريوس تتجاوز 8 آلاف دينار، والطلبة يلتزمون بالدفع وفي نهاية المطاف يعاني الكثير منهم الحصول على حقهم المتمثل في شهادة مصدقة رسمية تضمن لهم حق الحصول على وظيفة مناسبة. أتمنى من تلك الجامعة الخاصة والجهات الرسمية في البلاد الإسراع في تصديق شهادات الطلبة وعدم تأخيرها، للاستفادة من تلك المواهب المتعلمة في وزارات ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص فيها في سبيل خدمة مملكتنا الغالية، خاصة وأن ما يحدث يضر كثيراً بسمعة تلك الجامعات الخاصة من جهة، ويضر بسمعة التعليم عموماً في المملكة من جهة أخرى.