في غمرة الازدحامات التي نعاني منها في شوارع البحرين (والخطوط السريعة والتي يفترض أن تكون سريعة) وبسبب هذه الاختناقات يصبح لدى الإنسان منا وقتاً للتفكير، (حتى وإن كان هناك توتر بسبب هذه الاختناقات) فقد أصبحت لا أستمع إلى الإذاعة إلا نادراً جداً، وهذا يجعل الأفكار تأتي وتذهب.
وأنا متوقف في الزحام جاءني شيطان الكتابة، ثم قال لي؛ «يا أخي أنا أريد أن أفهم انتوا كمواطنين ليش زعلانين على هبوط أسعار النفط؟ انتوا شنو يدخلكم؟».
فقلت في نفسي «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يا أخي حل عنا أنا مو ناقص، ما لقيت إلا موضوع النفط؟، جوف لي فكرة ثانية حق عمود حلو، أنت وش ناوي».
ثم جاء وقال لي: « يا أخي المفروض العكس، المفروض تفروحون إذا هبطت أسعار النفط، فإذا ارتفعت أسعاره، كل شي يرتفع؛ أسعار السيارات، أسعار الغذاء السكر، الرز، القمح، أسعار الإلكترونيات، أسعار تذاكر السفر، أسعار الشحن، كل شيء يرتفع، وهذا الارتفاع يؤثر عليكم جميعاً، فلماذا (تزعلون) إذا هبطت أسعار النفط، هبوطها يعني هبوط أسعار السلع التي وردت أعلاه»؟
أستعذت بالله من هذا الشيطان، والحمد لله بدأ الطريق ينفتح، لم يكن موضوع هبوط أسعار النفط أو ارتفاعها موضوع اليوم، غير أني تذكرت حديث الشيطان وأنا اقرأ تصريحات السادة النواب أمس حول الميزانية العامة التي يقولون إنها تأخرت عليهم كثيراً، وهناك ارتباط وثيق بين أسعار النفط والميزانية العامة.
النائب محسن البكري قال أمس: «إن لدى الحكومة القدرة على الإيفاء بمتطلبات تنفيذ برنامج عمل الحكومة، مشيراً إلى أن لدى الحكومة وفراً مالياً مدوراً يقدر بـ 50% من الميزانية المخصصة للوزارات في الميزانية السابقة».
وقال: «إن رفض مرسوم سندات التنمية الذي يرفع سقف الاقتراض لن يعيق توفير السيولة اللازمة للمشاريع، خاصة إذا تمت الاستفادة من الفوائض المرحلة من الميزانية السابقة».
السؤال هنا؛ لدى الدولة اليوم فائض في ميزانية المشاريع المرحلة من الميزانية السابقة يقدر بـ 50%؟
هل هذه المبالغ فائضة؛ أم أنها لم تستخدم في تنفيذ المشاريع بعد، بمعنى أن المشاريع تأخرت في إنجازها، لذلك لم تستخدم المبالغ؟
إذا كانت فائضة (وهكذا استشفيت من تصريح النائب) فإن هذا يعني أن هناك مبالغ كبيرة يمكن استغلالها في الميزانية القادمة وفي المشاريع القادمة، دون الحاجة إلى مخصصات جديدة في الميزانية الجديدة.
في ذات الخبر قال أيضاً النائب محمد العمادي: «هناك 30 شركة تحصل على الغاز بأسعار مدعومة من الحكومة، بينما هذه الشركات لا تساهم في الميزانية العامة من خلال أرباحها»..!
وهذا أيضاً أمر يحتاج إلى تصحيح، فإذا كانت هذه الشركات تحقق أرباحاً فلماذا لا تساهم في الميزانية العامة، هذا لا يجب أن يبقى دون تصحيح، وإلا فإن الأسعار المخفضة للغاز يجب أن تتوقف ولا تحصل هذه الشركات على دعم حكومي في الغاز.
أعود إلى موضوع المبالغ المرحلة من الميزانية السابقة؛ هذه المبالغ ما هي الضوابط القانونية لها؟ هل للسادة النواب رقابة على هذه المبالغ الكبيرة؟
هل الوزير هو من يحدد كيفيه ترحيل المبالغ داخل وزارته؛ أم أن الأمر يعود لوزارة المالية؟
أيضاً هناك تساؤل حول حاجة الدولة للاقتراض بمبلغ كبير بينما لديها وفر مالي يقدر بـ 50% من الميزانية السابقة، كما أن أحد النواب طرح أيضاً في خبر الأمس أن هناك وزارات لديها إيرادات تحصل في جهات حكومية كثيرة، وهذا الأمر (بحسب النائب) من شأنه توفير سيولة للجهات ذاتها.
من الواضح أن موضوع الميزانية العامة التي ستعرض على مجلس النواب سيكون موضوع شائكاً، كما أن هناك تصريحات من السادة النواب تظهر أن موقفهم من (تفاصيل) الميزانية سيكون موقفاً قوياً (هكذا صرحوا)..!!
موضوع المبالغ الفائضة (المدورة) من مشاريع منجزة في الميزانية السابقة، يحتاج إلى رقابة قوية من الحكومة الموقرة ومن مجلس النواب، كما أننا لا نعرف ما هو الدور الرقابي للنواب على هذه المبالغ.