الخطاب الإعلامي الرسمي والشعبي لأي أمة أو دولة هو انعكاس للمشروع الذي تحمله وتسعى جاهدة لإنجاحه، حيث كما هو معروف أن الإعلام يشكل نصف المشروع المراد تحقيقه، ويشكل نصف جبهة الحرب والقتال الذي تخوضه الأمة أو الدولة. فكم من حكومة في الدول المتقدمة جرى إسقاطها بفضل الإعلام فقط لا غير، وذلك بسبب فن الخطاب الإعلامي الناجح الذي استخدم أخطاء تلك الحكومات وحولها إلى سلاح مضاد هوى بها.
من هنا يمكن أن نفهم كيف استطاع النظام الإيراني أن يحقق نجاحاً في ساحتنا العربية والإسلامية، ليس لكون المشروع الإيراني مشروعاً عادلاً، وإنما لكونه استطاع أن يستخدم فن الخطاب الإعلامي في محاكاة الأقليات الشيعية أولاً، ويلامس مشاعر قطاع واسع من العرب السنة الذين يعانون من الاحتلال الإسرائيلي والقمع السياسي الممارس ضدهم من قبل حكوماتهم ثانياً.
فلو نظرنا إلى الخطاب الإعلامي الإيراني نجده متسقاً مع الموقف والخطاب الرسمي لنظامه، فإيران تعد دعم الأقليات الشيعية واجباً وطنياً، ودونت ذلك في دستورها تحت مسمى دعم المستضعفين، ولم تقل عنهم أنهم أوراق، كما أنها تعاملت مع قضية فلسطين بطريقة ماكرة وذكية استطاعت بفنها الإعلامي أن تتحول في نظر قطاع واسع من العرب السنة المصابين بخيبة أمل اتجاه فلسطين وكأنها الراعي الوحيد للقضية، ولهذا نجحت في كسب ود بعضهم.
هذا هو الفرق بين الخطاب الإعلامي الإيراني والخطاب الإعلامي العربي والإسلامي، والذي مازال ينظر لقضايا أهل السنة والشعوب غير الفارسية، الأحواز، البلوش، الأكراد و..و..، المحتلين والمضطهدين من قبل إيران على أنهم مجرد أوراق سياسية، ولا أعلم كيف يمكن لنا أن نكسب قلوب ومواقف المظلومين مع قضايانا ونحن نعاملهم على أنهم مجرد أوراق يتم استخدامها وقت الحاجة فقط؟
أليس هذا الخطاب فيه عوار أخلاقي وديني وإنساني؟