منذ فترة عرضت أدوات التواصل الاجتماعي صوراً لفتاة بحرينية نزلت للشارع لإزالة علم البحرين الملقى على الأرض حتى لا تدوسه السيارات؛ في مشهد حب ووفاء واحترام لعلم مملكتنا الغالية.
هذه الفتاة المخلصة بعثت من خلال تصرفها الشجاع رسالة إلى كل مواطن بأهمية احترام علم المملكة وتقديره، فالعلم رمز للكرامة والهوية والسيادة، يبدو أن راية العلم الخفاقة في قلبها هي التي دفعتها لأن تنزل في الشارع وتخاطر بحياتها لأجل حماية علم وطنها الحبيب من أن يداس أو يدنس، فكرامته من كرامة الوطن وشعبه، هذا الموقف درس وطني بليغ تمنيت لو أن وسائل الإعلام لدينا استغلته في تكريمها والثناء عليها وإجراء مقابلة معها على الأقل لإبراز الكم الكبير من الوطنية التي تحملها، فأكثر ما نحتاجه في إعلامنا البحريني اليوم هو التركيز على مثل هذه المواقف الوطنية وتوثيقها.
على النقيض هناك فئات في مجتمعنا البحريني لم نجدها إلا وهي تحاول تدنيس العلم، ولعل في أزمة البحرين السابقة تذكرة، حينما وجدنا البعض يضع العلم على الأرض ويدوسه أو يستغله في أعمال التخريب، وصعب جداً على أي إنسان عاقل أن يجمع ما بين منطق حمل علم الوطن وحمل مناهج تخريب الوطن ألا يندهش للتناقض الجاري عند جماعات تحاول بيان وطنيتها من خلال حمل علم الوطن وتحاول بيان خيانتها الوطنية من خلال أعمال التخريب للوطن في نفس الوقت، وما بين استغلال العلم من خلال الاتشاح به وهي تمارس تدمير وتخريب الوطن والاعتداء على المواطنين ورجال الأمن في مشهد شاذ عن الفطرة الوطنية.
إن محاولة الترويج للوطنية في تظاهراتهم أمام العالم تسقط أمام العلم الذي يدنس شرفه بمن يضعه في يده وباليد الأخرى يحمل مولوتوفاً أو إطاراً مشتعلاً لحرق الوطن وتدمير اقتصاده، وبين من يحمل وردة سلام كما يدعي ويرفع العلم ويخبئ بيده الأخرى سكيناً وسلاحاً.
وطنيتهم العوجاء لم تقف أمام تدنيس كرامة العلم البحريني بما يقومون به من أعمال إرهابية في الشارع وهم يحملونه ويغطون وجوههم به، إنما نجد أيضاً هناك من "شطح" وحاول أن يوجد علماً جديداً أو ادعاء أهمية استبدال العلم الخليفي بعلم آخر، بل هناك من حاول تغيير ألوانه وإضافة اللون الأخضر إليه، أي خيانة للأوطان يمارسها هؤلاء أكبر من هذه؟ ألا يتعلم هؤلاء أن أول دروس الوطنية هو عدم تغيير هويتك، هو حبك للعلم وألوانه وعشقك لرؤيته وهو يخفق عالياً بكل كرامة وعزة؟ لا نفهم حقاً ما بداخل عقل يريد أن يغير كل الحقائق والتاريخ بوطنه بما فيه علم الوطن أيضاً، بالله عليكم هل رأيتم في أي دولة بالعالم شخصاً يمارس مثل هذه الحماقة؟
نعجب من هذه الحماقة التاريخية التي يحاول البعض فيها بيع أوطانهم وهويتهم إلى من لا يحبها ويحاول سرقتها، هناك من يحرف التاريخ ويحاول إسقاط فكرة أن العلم الحالي قد جاء من خلال فترة الاستعمار البريطاني في سبيل إيجاد مدخل مقنع لتغيير العلم، وفي سبيل إيجاد موقف تضامني معه يشجع على تغيير هوية العلم من منطلق مسمار جحا الاستعمار ودول الغرب.
وكما يقال خيانة الأوطان ليست وجهة نظر؛ لا يسعنا إلا أن نقول إن خيانة علم وهوية الوطن ليست وجهة نظر أيضاً، إن حب الوطن فطرة في نفس كل إنسان قبل أن يكون نعمة يخصها الله لمن يشاء، لكن عندما يأتي من يشذ عن هذه الفطرة ويمارس شذوذه الوطني فهذا يعني أنه يمارس الخيانة العلنية لوطنه وهويته.
إن حب العلم وتقديره يأتي من خلال احترامك لتصرفاتك ومواقفك وأنت تحمله بكل فخر وتستمد منه هويتك الوطنية أمام العالم لا من خلال استغلاله في الإساءة لوطنك، واليوم نحن نحتاج لتصحيح المفاهيم التي يحاول البعض تحريفها من خلال ربط العلم بالأعمال الإرهابية، البحرين اليوم تحتاج لإعلام مضاد يبرز شخصيات وطنية تبين المفهوم الحقيقي لكيفية احترام علم الوطن وحبه، يحتاج لإيجاد التقاطات تعلم الأجيال كيفية الولاء للعلم وحفظ كرامته، ولعل ما قامت به الفتاة هبة من الله جاءت لكي نستغلها في تأكيد هذا الموقف ودعمه، ولحمل رسالة بأننا نرفض علم الاحتلال الإرهابي الذي تحاول الجماعات الإرهابية فرضه علينا.
- إحساس عابر..
اسمه إبراهيم مطر؛ أستاذ فاضل له جهوده الرياضية البارزة، هذا الرجل من الممكن تسميته "إبراهيم بوعلم"، فأنت لن تستطيع أن تميزه في أي احتفال أو مهرجان أو حتى فعالية بسيطة إلا من خلال العلم الذي يحمله بيده بكل اعتزاز ويرمي بقماشه على صدره وهو يسير بين الناس، بل إنه دائماً ما يحمل معه عدة إعلام صغيرة يمنحها للأطفال في أي فعالية حتى يحملوا علم البحرين، وغالباً لا يرتضي التصوير إلا والعلم في يده، بل يدعو الناس دائماً إلى التقاط الصور مع علم البحرين، حتى إن أحدهم علق عليه "هاذي ما يمشي إلا بالعلم.. يشيل العلم مثل ولده".
ما دأب على القيام به منذ سنين طويلة في الاتجاه للمدارس وتشجيع الطلبة على حمل العلم والسير به دون ملل أو كلل يستحق التقدير، ما يفعله وسام شرف للوطنية المخلصة يستحق عليه أيضاً بالمقابل وسام شرف وتقديمه كنموذج للمواطن الموالي لقيادته ولعلم بلاده، فحمله العلم طيلة الوقت وفي أي مكان يحط فيه ومنذ سنين طويلة، حيث لا يغادر منزله ويجلس بين الناس إلا والعلم في يده ظاهرة شبه نادرة ومميزة بين المواطنين تستحق الإبراز والتقدير.