حين أردنا أن ندعم الطبقة الضعيفة بالبلد؛ أخذنا نوجه كل شيء دفعة واحدة لها، كان الاهتمام بهذه الطبقة أمراً جيداً، وبه من التكافل الاجتماعي ما به، وهذا يكاد يجمع عليه الناس، إلا أني أخشى أننا ذهبنا بكل (الدعم) باتجاه معين من ثم أغفلنا أناساً فوقهم بقليل يحتاجون للدعم والمساندة والتكافل الاجتماعي، لكن المشرع لا يراهم.
خرجت تصريحات من نواب أمس تقول: «إن لدى الحكومة مشروع لإعادة توجيه الدعم في الميزانية التي ستحال إلى مجلس النواب»؛ الأمر جيد، وإعادة توجيه الدعم نحتاجه اليوم ولا خلاف في ذلك، لكن إلى من سيوجه الدعم بعد إعادة التوجيه؟
أخشى أننا كدولة نقوم بإجراءات سنندم عليها مستقبلاً حين نوجه الدعم إلى الطبقة الضعيفة ونترك الطبقة الوسطى التي تعاني، كما الضعيفة، من الغلاء وارتفاع أسعار العقارات، ومن ارتفاع الأسعار الذي سيأتي بعد رفع الدعم عن اللحوم والطحين والدجاج وغيره.
الذين يقبعون في الطبقة الوسطى يطحنون اليوم بين الطبقتين، طبقة الميسورين، وطبقة من توجه الدولة الدعم لهم باستمرار (عمياني)، فإذا كان الحديث اليوم عن توجيه الدعم وتخصيص هذا الدعم للمسجلين في إعانة الغلاء، فإن كان هذا الأمر جيداً إلا أن هناك جرساً يجب أن يقرع، وهو أن هناك من سيعاني من ارتفاع الأسعار، وهو أصلاً «لاهو طايل سما ولا طايل أرض».
نعم نحن ضد أن يستفيد الميسورون من دعم اللحوم والطحين وغيره كونهم لا يحتاجون لدعم من الدولة، ونحن ضد أن يستفيد الأجنبي والمقيم وأصحاب المطاعم والفنادق والشركات من الدعم للمواد الغذائية.
نحن ضد ذلك، غير أننا حين نريد أن نعيد توجيه الدعم ونحصره فيمن يستحق معونة الغلاء فقط فإننا سنطحن الطبقة والوسطى وسنحولها دون أن نعلم لطبقة محتاجة مع مرور الوقت.
أخرجنا الطبقة الوسطى من خدمة الحصول على بيت إسكان، وقلنا لهم أنتم لا تستحقون لأن راتبكم فوق الـ 1000 دينار..!
غير أن من راتبه فوق الـ 1000 دينار لا يستطيع أن يشتري شقة تمليك في مكان محترم، وليس بيتاً، من هنا فإننا نقوم كدولة ومجلس تشريعي بتوجيه خدمات الدولة باتجاه واحد، ونحصر الخدمات في طبقة بعينها دون أن نلتفت لخلل كبير نمارسه اليوم، وستظهر نتائجه فيما بعد وهو أننا نقوم بتدمير الطبقة الوسطى التي ينزع منها كل شيء، وكأننا نريد تحويلها لطبقة فقيرة.
مع ملاحظة أمر آخر سيطرأ على السوق؛ فحين يرفع الدعم سترتفع الأسعار بشكل جنوني، ونحن دولة بصريح العبارة (لا نراقب التجار، وليس لدينا إجراءات صارمة ضد المتلاعبين، ووزارة الصناعة تقول إن لديها 6 مفتشين)..!
وإذا ما ارتفعت الأسعار فمن الذي سيتضرر؟ الطبقة الوسطى ستسدد الثمن وحدها كونها بين فكين؛ الأول ميسور والثاني توجه له كل المعونات، هذه الطبقة هي رمانة الميزان في كل مجتمع، لذلك فإن حرمانها من الدعم مؤشر خطير لمن يقرأ الواقع.
هناك مسألة حساسة جداً في هذه الإجراءات وقد طرحتها هنا ذات مرة، هذه المسألة تتعلق بالقوانين التي تستثني أهل البحرين من الدعم والإسكان، وهذا مؤشر خطير جداً وقنبلة موقوتة على مستقبل البلد.
تنزعون من أهل البلد كل شيء وتقدمونه للآخرين ومن جاؤوا متأخرين، وبالتالي فإن من يستحق الدعم الحقيقي أخرجناه من قائمة الدعم، ونفعل ذلك بالقانون، وتركناه ينظر إلى الأمور بحسرة، وكأن لسان حاله يقول: «وش سويتي فيني يا بلد.. خير البحرين عطيتوه غيرنا»!
الذي يشرع ويوجه الدعم عليه أن ينظر بمقياس الوطنية أولاً (وهذا مقياس شفاف لا يراه إلا ابن البلد) قبل النظر للحاجة الآنية، فمن نقصيهم اليوم من الخدمات، كأننا نقول لهم إننا نزرع فيكم نزعة الثورة على القوانين، وهذا أمر خطير في هذا التوقيت.
انظروا للبحرين بشكل أشمل وأكبر، نحن معكم في إعادة توجيه الدعم، لكن من الظلم أن نحجبه عن الطبقة الوسطى، ونجعل هذه الطبقة وحدها تسدد تكلفة إعادة توجيه الدعم دون أن نحسب الأمور.
من تأخذون رأيه في هذا الموضوع لا ينقل لكم حقيقة إحساس الناس ونبض أهل البحرين، وهذه هي المعضلة، لكننا بعد فترة سنجلس ونقول «اووو وش سوينا بنفسنا.. ترى طزينا عينا بصبعنا واحنا ما ندري»!
في وضع حرج كوضعنا بالبحرين؛ لا نحتاج فقط لأن نلمس الأمور بالعقل والأرقام والمؤشرات وحسب، بل أيضاً أن نلمس الأمور «بالقلب والعقل معاً» وإلا فإننا سنضيع خطواتنا، وهذا مكلف على المدى البعيد، وكأننا نزرع ألغاماً في الشأن الاجتماعي، وهذا لا ينقصنا أصلاً.
نحن مع إعادة توجيه الدعم ليصب في جيب المواطن فقط، لكن إن جعلتموه محصوراً على الطبقة الضعيفة، فإن هذا خطأ كبير وطحن للطبقة الوسطى وإقصاء لأهل البحرين الحقيقيين الذين تم إقصاؤهم بالقانون من أغلب «الدعم»، فأهل البحرين «يستاهلون الدعم أكثر من غيرهم يا جماعة الخير..»، هل وصلت الرسالة؟
** تلبية نداء المصلين بمسجد الفاروق
ليس غريباً على الأمير خليفة بن سلمان -حفظه الله- الاهتمام بالمساجد، وليس غريباً أن يلبي نداء المصلين بمسجد الفاروق بهذه السرعة، فله الشكر على استجابته، وعلى زيارته للموقع أمس، وله الشكر على توجيهه للمسؤولين بضرورة استملاك الأراضي لتوسعة المسجد ولإقامة مواقف سيارات.
جعل الله هذا العمل في ميزان حسنات سموه، فهذا هو العهد دائماً بخليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه؛ لا يتردد في بناء المساجد ودعمها وتخصيص الأراضي لبناء مساجد في كل المناطق.
** رذاذ
في موضوع الأمن الغذائي، وهو لا ينفصل عن دعم اللحوم والدجاج «أصلاً يبدو أن دعم الدجاج يذهب باتجاه واحد» نتمنى في هذا التوقيت المفصلي من الفوضى الإقليمية أن نملك غذاءنا ونصنع سلاحنا.
لماذا نستورد الأغنام من آخر الدنيا؟ لماذا لا تخصص أرض مدفونة مثلاً لإقامة حظائر حتى لا نحتاج للاستيراد، وأن نجعل مصيرنا الغذائي بيدنا وليس بيد غيرنا، ابعدوا عنا المصالح الضيقة، وفكروا بمصلحة هذا الوطن وأهله.
** قبل عامين أو أكثر قال أحد الوزراء؛ في العام 2014 سيكون 80% من إنتاج الخضراوات بالسوق من مزارع البحرين.
الوزير الظاهر يقصد 3014، ترى أهل البحرين أصدقاء للبيئة، قابلين ناكل خضراوات عشان الكلسترول والسكر والضغط.. من الله خلقنا واحنا أصدقاء للبيئة، بس البيئة مو صديقتنا..!!
** الكل يتداول لفظ «الأمن»، واحنا مو طايلين لا أمن غذائي ولا اجتماعي، وكأننا في حفلة «كلام» الكل يعطيك من طرف اللسان حلاوة.. وتطلع من حفلة الكلام وتصطدم بالواقع؛ الحرايج والدخان وارتفاع الأسعار.. بس الأمور طيبة لا تحاتون، الصحافة دائماً تبالغ وتضخم.. ما عندهم سالفة، يبيلهم «قرصة»!
** نساند فرض الأمن أيام الفورمولا 1، لكن ترى أهل البحرين يستحقون الأمن طول العام، وإلا احنا نفكر بصورتنا أمام الأجانب فقط، وننسى أن المواطن يحتاج الأمن في بيته والشارع وكل مكان على مدار العام؟