على صفحات الصحف يوم أمس وجدت تصريحات لأكثر من نائب يطرحون من خلالها موضوع تأخر الميزانية العامة للدولة لـ 6 أشهر، وهذا يعتبر مخالفة دستورية، وأنه مع هذا التأخير سوف تتعطل مشاريع تنموية، على حد تعبيرهم.
لا أعرف هل الحكومة وحدها تتحمل مسؤولية هذا التأخر أم أن هناك مسؤولية تقع على السادة النواب، ويتحملون هم أنفسهم جزءاً من مسؤولية هذا التأخير، لا أعرف؛ لكن يبدو أن هناك ترقباً شديداً لموضوع إحالة الميزانية العامة الى المجلس.
توقفت عند تصريح لرئيس مجلس النواب الأخ الفاضل أحمد الملا يقول فيه: «إن الميزانية العامة لن تمر بسهولة، وأنه يتوقع أن تحال الميزانية بصفة الاستعجال».
أن يقول رئيس المجلس إن الميزانية لن تمر بسهولة؛ فهذا يعني أن المجلس عاقد العزم على الدخول في تفاصيل الميزانية، وأحسب أن تفاصيل الميزانية بها ألف شيطان، وليس شيطاناً واحداً، فـ «الشيطان يكمن في التفاصيل».
أكثر ما يعنينا كمواطنين وسط كل هذه التحديات والظروف المحلية والإقليمية أن تقوم الحكومة الموقرة أولاً وقبل المجلس بتحديد الأولويات، وهذا أمر مهم جداً وسط كل المؤشرات المحبطة، والتي تظهر تصاعد الدين العام بشكل قياسي وسريع جداً.
فقبل فترة كان الحديث عن دين عام يبلغ أكثر من 3 مليارات، واليوم بلغ أكثر من 5 مليارات، ومرسوم قانون القرض الجديد يرفع الدين إلى 7 مليارات!
فما الذي جعل الدين العام يتصاعد بهذا الشكل الجنوني، حتى أصبحنا ثاني دولة عربية على مؤشر الدين الخارجي بعد لبنان، أي أننا حققنا مركزاً متقدماً فوق مصر والسودان واليمن وتونس والأردن، وهذا مؤشر خطير جداً.
حتى حين أردنا أن نحقق مركزاً متقدماً، حققناه على مؤشر الاقتراض!
تحديد الأولويات التي يحتاجها المواطن والوطن هي التحدي الأكبر أمام الميزانية العامة، وتحديد الأولويات لا يتطلب اختراع الذرة، إنما أن نضع كل احتياجات المواطنين أولاً نصب الاهتمام، ومن ثم نضع أولويات الأمن والجيش البحريني، وقد أكد على ذلك جلالة الملك خلال اجتماع المجلس الأعلى للأمن والدفاع.
نحتاج اليوم أن نحدد ماذا ينقصنا في موضوع الأمن، أكان في وزارة الداخلية أو الحرس الوطني أو الجيش البحريني، هل لدينا قائمة بما نحتاجه على وجه السرعة لسد ثغرات أمنية ودفاعية؟
هل هناك نقص في الأجهزة الحديثة والمعدات والتسليح وشراء الذخائر؟
وإذا تعذر شراء الأسلحة الأمريكية مثلاً؛ فهناك بدائل بذات الكفاءة سواءً من بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو روسيا أو الصين.
الوضع الإقليمي خطير، والمؤشر يقول إن المخاطر في تزايد ولن تقل أو تتراجع، حتى مع تحرير اليمن من الصفوية الفارسية الطائفية المقيتة.
قائمة أولويات المواطن المعيشية تدركها الحكومة الموقرة ويدركها النواب، ولا تحتاج إلى شرح أو تفصيل، أما إن كان هناك نائب للشعب لا يعرف قائمة أولويات المواطن المعيشية فلا يستحق الجلوس على مقاعد المجلس.
بالأمس اطلعت على مشاريع الدعم الخليجي قيد الإنشاء، ووجدت رقماً غريباً استوقفني، الرقم هو لمدرسة نموذجية للبنات بمنطقة جو، والمبلغ المخصص لإنشاء هذه المدرسة 22 مليون دولار..!
فهل هذا الرقم صحيح؟ وهل هذه المدرسة النموذجية تتطلب فعلاً رقماً كبيراً مثل هذا؟
ليسمح لنا الجميع كسلطة تنفيذية وتشريعية؛ هناك أمور كثيرة في الميزانية تحتاج لمراجعة ورصد قوي، فضياع مبالغ مليونية في بعض الوزارات أو تخصيص مبالغ كبيرة لبعض الجهات والهيئات يحتاج لمراجعة دقيقة.
الخير موجود والبلد فيها سيولة، لكننا نحتاج لتغيير مسارات خاطئة، وأن نصحح هذه المسارات ونحولها لمسارات تصب في مصلحة الناس، هناك ضعف في الرقابة على الأموال التي تبدد في وزارات بعينها، وهذه المبالغ ليست بالصغيرة، وإذا ما أحكمنا الرقابة عليها فإن هذا يوقف الهدر ويوفر المخصصات ويجعلها تذهب إلى مكانها الصحيح.
رذاذ
في منتصف التسعينيات من القرن الماضي خرجت قضية ملفتة للنظر؛ فقد أحالت إدارة المرور -في ذلك الوقت- إلى القضاء أشخاصاً بتهمة الاستيلاء على أموال عدادات السيارات، بمعنى آخر فإن هذه القضية كانت تسمى قضية «الربابي» جمع ربية بالبحريني..!!
فإذا كانت «ربابي» مواقف السيارات لم تسلم؛ فكيف بالنيطان البنفسجية والخضراء؟
القضية هي قضية رقابة، لذلك فمهمة مجلس النواب هي الدخول في تفاصيل الميزانيات لكل والوزارات والإدارات، هناك ستجدون قبيلة شياطين وليس شيطاناً واحداً..!!
هذه القضايا الكيدية..!
لم تتوقف بعد القضايا الكيدية ممن يتحينون الفرص ويستغلون المناخ الديمقراطي من أجل النيل من أشخاص وقفوا وقفة مشرفة مع وطنهم ومع أهل البحرين. خرجت إلى السطح مرة أخرى قضايا ضد الأخ الفاضل مبارك بن حويل، والذي يعتبره أهل البحرين أحد رموز الوقفة الوطنية المشرفة، فحين مالت السفينة هناك من اختبأ وهناك من صمت وهناك من تدثر تحت اللحاف.
غير أن الأخ مبارك بن حويل والأخت الكريمة نورة الخليفة كانا ضمن كوكبة مشرفة من رجال ونساء وزارة الداخلية، الذين ضحوا بوقتهم وأسرهم وسلامتهم من أجل البحرين وأهلها وقيادتها في الوقت العصيب.
نتمنى أن تفضح كيدية هذه القضايا، وأن تتوقف جرجرة شرفاء الوطن للقضاء، وكأن ذلك تصفية حسابات وتسديد فواتير الوقوف مع الوطن وأهله.
سيبقى الأخ الفاضل مبارك بن حويل المري علماً من أعلام الرجولة والثبات حين تمور الأرض وترتجف، في ذلك الوقت تظهر معادن الرجال وتمحص.
أزمة مواقف يخوت!
من ضمن أزمات البحرين، وهي جزيرة، خرجت أزمة جديدة إلى السطح تسمى أزمة مواقف اليخوت والقوارب الكبيرة.
هذه الأزمة ظهرت بعد الإعلان عن إغلاق النادي البحري، وظهر تجار لمواقف اليخوت، وارتفعت أسعار مواقف اليخوت في أكثر من مكان بعد أن أصبحت هناك أزمة مواقف يخوت..! هذه أول أزمة أرستقراطية، فالذي نعرفه أن هناك أزمة مواقف سيارات في الدبلوماسية والسيف والمحرق، ومواقف المستشفيات، لكن خرجت إلى السطح أزمة مواقف يخوت، هذا واحنا جزيرة، ويقال إن هناك من استغل الموقف وسيعمل على بناء مواقف يخوت لأنها أصبحت مربحة كثيراً.