السؤال الذي نردده عندما تنخفض أسعار النفط بشكل كبير شبيه بالحالة التي نحن فيها هذه الأيام هو: هل النفط نعمة أم نقمة على الدول المنتجة له والتي تعتمد عليه كمورد شبه وحيد..؟
والجواب على هذا التساؤل يختلف إلى حد التعارض فحالة النقمة هي التي تسعى أو على الأقل تلمح لها الحكومة ممثلة في وزارة المالية من إجراء تخفيضات على المصروفات بشكل عام وبنسبة لا تقل عن 15%، وبزيادة الكثير من الرسوم وبإلغاء الدعم على بعض السلع والخدمات، ومنها علاوة الغلاء، والتغاضي عن زيادة الرواتب التي وعدت بها في برنامج عملها وغيرها من الإجراءات التي تعني دخول البحرين في حالة تقشف واقتصادها في حالة انكماش، والسبب أن الإيرادات النفطية انخفضت إلى أقل من النصف.
أما الذين يعتبرون أن هذا الانخفاض في أسعار وإيرادات النفط نعمة يجب علينا الاستفادة من خيراتها لكسر أغلال النفط والانتفاضة على عبوديته فتنبثق رؤيتهم من أن هيمنة النفط على حوالي 90% من الإيرادات العامة للدولة، وبالتالي تغطيته لنفس النسبة من المصروفات يجعل الدولة ممثلة في الجميع يركنون إلى هذا الدخل الوفير والسهل، فلا يبحثون عن بديل ولا حتى رديف، ولا يفكرون بتقليل اعتمادهم التدريجي على النفط وصولاً إلى جعله أحد مصادر الدخل وليس المصدر شبه الوحيد.
مقولة النعمة هذه هي ما يأمل البحرينيون أن تأخذ بها الحكومة وهي تطبخ الميزانية، فبغض النظر عن حقيقة ومدى تأثر المملكة بانخفاض أسعار النفط وهي مسألة فيها قولان، فدعونا نسلم بوقوع الانخفاض والتأثير الجارح ونعمل على تجاوز مرحلة هيمنة النفط على اقتصادنا بإعداد ميزانية برامج وأداء تركز على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية وعلى تقليص المصروفات المتكررة بشكل ملحوظ واستبدال الدعم العيني بآخر نقدي وغيرها من التغييرات التي تجعلنا نهنئ بعضنا البعض على بلوغ مرحلة نعمة انخفاض أسعار النفط وصولاً إلى مرحلة الطلاق منه.