حركة الزمن تكذب كل ما كنا نؤمن به منذ طفولتنا، عندما علمونا في المدارس أن اليمن «سعيداً»، وأن أرضه كانت تنبت المن والسلوى.
استفقنا من تلك الأحلام على كوابيس الواقع، فوجدنا اليمن يمنين تتقاسمه الأيديولوجيات والولاءات والقبائل ومراكز القوى، وكل فريق بما لديهم فرحون، لا يجمعهم عدنان ولا قحطان، وكأن لعنة تفرق العرب أبت إلا أن تعود إلى أصل العرب.
اليمن السعيد.. الحلم الذي كان يراود مخيلتنا، وصورة بلقيس تعتلي عرشها مزهوة بمن حولها حين يؤكدون أنهم أولو قوة وأولو بأس شديد، ولكنها وبذكاء فطرتها تستحضر الحكمة اليمانية وتنحو إلى حوار وسلام يجنب شعبها أهوال الحرب والدمار والإذلال.
الحكمة اليمانية فقدت رشدها اليوم؛ فسلمت أمرها إلى القابعين في جحور صعدة وإلى أربعين حرامياً ملؤوا مغاراتهم طوال أكثر من ثلاثة عقود بكل الكنوز والذهب والأسلحة، حتى صدقوا أنهم زعماء وقادة دولة، فاحتفلوا وشربوا أنخابهم في جماجم الفقر والجهل والعوز والمرض، ولم يبقَ لديهم ما يتاجرون به إلا وطناً مزقوا أجزاءه حتى اتسع الفتق على الراتق.
وكأني بأبناء اليمن اليوم يستصرخون أحفاد العروبة لإنقاذهم من أبرهة الأشرم، الذي جاء يركب أفيال فارس لبناء كعبته الجديدة على ما تبقى لديهم من تاريخ وحضارة، رافعين شعارات «الموت ...»، يسانده ثلة ممن باعوا عروبتهم ووطنيتهم وأخلاقهم، مقابل وعود واهية بالملك وأنهارٍ من اللبن والعسل.
اليمن الذي كان سعيداً لم يبقَ منه إلا الموت والدمار والخراب، وتحول لساحة متقدمة لملالي قم وطهران، طامعين بإحكام الكماشة الفارسية في خاصرة جزيرة العرب، متناسين أن هناك رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأن أمة العرب مهما طال الزمان لا بد لها من استفاقة، فأمطروا بطير أبابيل، قلبت الموازين وأعادت رسم الخارطة وأعلنت؛ أننا هنا.. وسنبقى هنا..
- ورق أبيض..
التحول الكبير للأحداث في اليمن، بعد اتساع حجم المقاومة الشعبية ودخول آلاف المقاتلين من القبائل في مواجهة الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، يؤكد أن الحسم سيكون أقرب مما نتوقع، وأن لجان المقاومة قادرة على أخذ زمام المبادرة على الأرض، بل وتشكيل مزيد من تلك اللجان في مختلف المناطق اليمنية.
لكن ذلك لا يمكن له أن يتم إلا بدعم مباشر من قوات عاصفة الحزم، حيث تحتاج تلك اللجان إلى المزيد من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى قيادات ميدانية مدربة قادرة على تنسيق العمليات فيما بينها وبين قيادات عاصفة الحزم.