بعد النجاح الكبير الذي حققته المملكة العربية السعودية منذ العام 2005 في القضاء على وجود تنظيم القاعدة في أراضيها، بعد سلسلة من العمليات الإرهابية، انتقل ما تبقى من قيادات وعناصر إلى اليمن ليعلنوا عام 2009 الاندماج مع فرع التنظيم هناك تحت مسمى «القاعدة في جزيرة العرب»، حيث وجدوا في اليمن، في ظل ترهل الدولة وفساد مؤسساتها، حاضنة لمواصلة عملياتهم الإرهابية حول العالم.
الاستقرار النسبي الذي حظي به أفراد القاعدة في اليمن ما كان له أن يتم إلا بوجود تواطؤ بين السلطة ممثلة في الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح والتنظيم، فطوال السنوات التي عاش فيها التنظيم في ظل نظام صالح لم نلمح أي محاولات جدية للقضاء عليه أو تحجيم نشاطه، إلا من خلال عمليات محدودة قامت بها الطائرات الأمريكية من غير طيار.
صالح الذي راقب انتقال التنظيم إلى اليمن سارع إلى استغلاله، إضافة للحوثيين، كورقة ضغط جديدة على المملكة العربية والسعودية والمجتمع الدولي، فحصل نتيجة ذلك على معونات أمريكية تقدر بنحو 1.4 مليار دولار سنوياً، و7 مليارات دولار من السعودية خلال السنوات الـ8 الأخيرة.
علاقة صالح بالقاعدة قديمة، وبحسب شهادة أحد القياديين في التنظيم، فإن صالح اتصل بقيادات التنظيم بعد نهاية الحرب في أفغانستان لينتقلوا إلى اليمن الجنوبي، آنذاك، ومحاربة الدولة الشيوعية «الكافرة» هناك، وهو ما تم تنفيذه، حيث مول انتقالهم وأمن لهم الأسلحة، بل ومنحهم رتباً عسكرية.
الظهور المفاجئ للقاعدة الخميس الماضي، بعد فرار 300 سجين من سجن المكلا، بينهم القيادي السعودي خالد با طرفي، كان إحدى الأوراق التي لايزال يملكها صالح في اليمن، والتي يهدف من خلالها إلى إشاعة المزيد من الفوضى في البلاد والضغط باتجاه تحسين وضع قواته على الأرض، ومحاولة لاستنساخ تجربة «داعش» في العراق، في محاولة منه ليعيد تسويق نفسه على أنه محارب التطرف الإسلامي متمثلاً في القاعدة.
لم يقتصر الأمر على التعامل مع سجناء القاعدة في اليمن، فذات الأمر تكرر مرة أخرى أمس الأول «السبت» عندما عمدت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح إلى إطلاق سراح مئات البلطجية والمجرمين من السجن المركزي في محافظة الضالع وتزويدهم بالأسلحة الخفيفة ودفعهم إلى نشر الرعب بين السكان في المحافظة.
صالح الذي أصبح أكثر إدراكاً أنه سيكون الخاسر الأكبر في عاصفة الحزم عمل على حرق كل مراكبه، وكشف ما كان يحاول إخفاءه لسنوات طويلة، فأعلنها حرباً على اليمن.. ومردداً أنا ومن بعدي الطوفان.