صبيحة هذا اليوم تنقضي الأيام العشرة الأولى من عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية بمشاركة عربية واسعة، والتي هدفت إلى إعادة الشرعية لليمن، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، ولجم التمدد الحوثي الذي ابتلع معظم الأراضي اليمنية بدعم وتأييد واضح من قبل إيران.
مع تسارع الأحداث على الأرض، وقدرة قوات التحالف في السيطرة على السماء خلال 15 دقيقة من بدء العمليات، ونجاحها في تدمير عديد من مخازن الأسلحة وبطاريات الصواريخ والوحدات المدرعة على الأرض، كانت هناك حاجة ملحة إلى ضرورة قيام وحدات مقاتلة بتنظيف الأرض، وهو الدور الذي اطلعت به لجان المقاومة الشعبية ووحدات من الجيش الوطني، إضافة القبائل اليمنية.
المتغير الأحدث في تطورات الوضع في اليمن كان الظهور المفاجئ لتنظيم القاعدة، والذي استطاع تحرير مئات السجناء في المكلا والسيطرة على مناطق شاسعة فيها، فما هو دور القاعدة في أحداث اليمن؟ ولماذا هذا الصمت طوال الأيام الماضية؟ وكيف استطاعت السيطرة وبسرعة على المكلا؟
تفسير الأحداث يستدعي منا استحضار علاقة القاعدة والحوثيين مع نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وكيف كان يتلاعب على الدوام بهاتين الورقتين من أجل ابتزاز دول الخليج والعالم من خلفه، كذلك محاولته الحفاظ على نظامه السياسي وسلطته المطلقة.
طــوال العقـــدين المــاضيين خـــاض الرئيس المخلوع 6 حروب طاحنة مع الحوثيين، الذين كانوا يشكلون، إضافة إلى القاعدة والحراك الجنوبي، التحدي الأكبر لسلطته المطلقة، فحقق في تلك الحروب انتصارات، كان لها إن تواصلت إلى نهايتها أن تقضي على القوة الحوثية الوليدة، لكن وفي مرحلة ما كانت دائماً تصدر الأوامر لقيادات الجيش بالتوقف عن القتال وترك الأسلحة والمعدات الحربية، وهذه شهادة أدلى بها أكثر من قائد في الجيش.
فصالح لم يكن معنياً بالقضاء على الحوثيين، إنما تحجيم قوتهم وإعادة استخدامهم كورقة ضغط مرة أخرى على الدول الخليجية والحدود السعودية.
آخر استخدامات الحوثيين من قبل صالح كان دعمهم لإفساد المبادرة الخليجيــة، والتــي ضمنــت انتقــالاً سلميــاً للسلطــة، وشكلت بالنسبة له طوق النجـــاة بعـــدم المــلاحقــة والمحـــاكمـة على سنــوات طويلة من الفساد، وجنبت اليمن ويلات صراع، إن بدأ، لن يقف عن أية حدود.
لكن يبدو أن الأمور خرجت عن سيطرته بعد أن استطاع الحوثيون وبدعم منه اجتياح كافة مناطق شمال اليمن، وفرض سيطرتهم على العاصمة وإجبار الرئيس الشرعي على تقديم استقالته بعد تلقيهم الدعم والمساندة من إيران، وهو أمر لم يعتقد صالح أنه سيتطور ليصل إلى ما وصل إليه، ولكنه لم يعد يملك رفاهية قرار التراجع، فانخرط في مجاراة الحوثي على أمل أن يحقق بعض أهدافه بالعودة إلى السلطة، لكن غارات عاصفة الحزم حرمته من ورقة كانت على الدوام جاهزة للعب بها.
أما علاقته بالقاعدة فلها أكثر من وجه نناقشه بإذن الله في المقالات القادمة.
... وللحديث بقية