أنت، أنا، آخرون، في كل الأوقات والظروف الصعبة يقفون عاجزين عن تغيير الوضع السيء الذي يعيشون، دائماً ينتظرون أن الخلاص يأتي إليهم من الخارج، الهشاشة التي داخلهم لا تعطيهم إمكانية لمد الرؤية إلى مساحة أطول، الإحباط هو خبزهم اليومي، واليأس من التغيير هو حديثهم الذي يبدأ ولا ينتهي.
ليس غريباً أن يقف أمامك إنسان بكامل صحته ويقول لا يمكن التغيير، وهو لا يعرف أن كلمة (لا) لا تتماشى مع طبيعة قانون الطبيعة أو قانون الحركة التي تقول لا يمكن لأي شيء إلا أن يتغير، لا يعود إلى نفس الحالة السابقة، وإن قال البعض إن التاريخ الذي حدث على شكل مأساة يعود على شكل ملهاة، أو العكس، لا شيء يبقى على حالة، لذلك حين يقول الواحد منا إن يد واحدة لا تصفق، بمعنى أنه يريد من الآخرين أن يقفوا معه في إحداث التغيير، وإذا لم يجد أحداً يركن نفسه كأية سيارة لا تعمل أمام بيته أو في غرفته التي تطلب منه الخروج إلى الحياة فيمتنع، لأنه تعود على شرب منقوع الإحباط ممزوجاً بعصير اليأس.
ألم نشبع من تكرار أن الظروف صعبة والرياح غير مواتية، وما كنا نستطيع فعله منذ قبل أكثر من نصف لا نستطيع فعل أي شي أمام كل المعوقات التي تمنع الإنسان من التفكير.
ولكن كل هذا الكلام لا يستقيم، كما قلنا، مع القانون الكوني؛ قانون الحركة، وهو كل شيء في حالة حركة والحركة لا تتوقف، فما كان هناك سيصل إلى هناك، وما كان صغيراً يكبر، وما كان مستحيلاً أصبح أمراً واقعاً.
ولهذا علينا أن نستفيد ليس من قصص التاريخ فقط؛ إنما من القصص التي تحدث الآن، وفي مجتمعاتنا الإنسانية.
أمامي الآن قصة كوامي أجاموا، الذي هز بكلمته حينما قال «الدولة لا تستقيم إلا على العدل»، وكوامي أجامو اعتقل وهو ابن 17 ربيعاً، واتهم بقضية قتل وحكم عليها بالسجن المؤبد، وبعد 40 عاماً ظهرت حقائق معاكسة لظروف المحاكمة وتمت تبرئته من التهمة وأطلق سراحه وهو ابن 57 عاماً!
بتاريخ 9 ديسمبر 2014 وأثناء جلسة إعلان النطق بالحكم طلب القاضي، ريتشارد بيكار، من المتهم المظلوم أن يطلب أي تعويض يريده ويليق بعمره حتي يحكم له به.
اندهش الجميع عندما طلب كوامي أجامو بإعادة النظر في القوانين التي تسببت في اعتقاله وظلمه فقط، ولم يطلب أي تعويض مالي وهو يبكي حرقاً على عمر ضاع في السجن وهو مظلوم، حينها قامت القاضية باميلا باركر وتركت منصة القضاء وعانقت أوجامو بحرارة.
بعد ذلك؛ صدرت أوامر مباشرة من البيت الأبيض بتشكيل لجنة من استشاريين وقضاة لإعادة مراجعة القوانين المتعلقه باتهام كوامي أجامو، وبعد أسبوع واحد من خروجه للمنزل فاجأه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة له في البيت برفقة أسرته وتناول معه وجبة عشاء من إعداد السيدة الأولى.
دهشتنا تنتهي حينما نعرف أن كوامي أجاموا، الذي عرف حجم الألم الذي يعانيه المسجون ظلماً، وعادة ما يكون مضاعفاً، لا يريد إنسان آخر أن يعانيه كما عاناه، لذلك وبكل حب طلب تغيير القوانين التي عملت على سجنه دون وجه حق، وبالفعل تم العمل على تغيير هذه القوانين.
وهذا يعني أن إنساناً واحداً فقط، إنسان واحد، يقدر أن يغير في الواقع الذي يحياه مهما كانت قسوة الظروف الموضوعية التي تحيط به.
أنت تستطيع أن تصنع مستقبلك، تحول ما حولك، تحول المجتمع الذي تعيش فيه إلى منطقة آمنة من الخوف، آمنة من الجوع، آمنة المرض. فقط فكر بأنك تستطيع ذلك، فأنت وحدك من يستطيع ذلك؛ غير داخلك وسيتغير كل ما حولك.