ضربة قوية هزت العالم لتعلن أننا هنا، رسالة واضحة المعاني لإسرائيل وأمريكا وإيران ولكل من يفكر في العبث بأمننا القومي.. ونحن نقول بوركت يمناك يا خادم الحرمين الشريفين، فبالفعل الضربة الحازمة وقاصمة لكل من تسول له نفسه بالتمادي في غيه وعدوانه ومحاولة تقسيم أرضنا وشعبنا.
في خضم كل ذلك، وتزامناً مع اجتماعات القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين، أبدت الكثير من الدول رغبتها بالمشاركة في التحالف، فيما ناقش الزعماء العرب آخر التطورات، وأبدوا تأييدهم التام لـ«عاصفة الحزم» بقيادة المملكة العربية السعودية، بل ودعموا كل الجهود التي يقوم بها خادم الحرمين من أجل إعادة الأمن في المنطقة ووقف التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون العربية، وخاصة في دول الخليج العربي.
حدث كبير يبث في النفس الفخر والأمل بعودة الأمجاد العربية بقوتهم واتحادهم، نعم؛ هو شعور بالفخر والاعتزاز لقرارات جريئة انتظرتها الشعوب العربية منذ سنوات، قرارات تثلج الصدر والقلب وترفع الروح المعنوية، وتجعلنا نرفع الرأس عالياً ونقول «ارفع رأسك أنت عربي».
لكن للأسف الشديد هذه الفرحة لم تكتمل حين نرى بعض أفراد يهاجمون قرار خادم الحرمين الجريء في تناقض واضح مع مئات الملايين من المحيط إلى الخليج والذين باركوا القرار الشجاع، هذا التناقض يدل على نقص في الثقافة والتفكير السليم، لأن بناء ثقافة التفكير السليم يغير الشعوب ويزيد انتماءها وعطاءها لأوطانها، وبالتالي يزداد استقرارها وحسها الوطني المبني على قناعات سليمة ومتجددة.
وللأسف الشديد، دولنا العربية لا تزال تعاني من ضعف إثراء تفكير الشباب، وهذا ما نراه بأم أعيننا، حيث نرى شبابنا من دول مجلس التعاون يتهافتون للحصول على تذاكر الحفلات لمختلف المطربين، والتي يصل سعر بعضها إلى 350 ديناراً، فيما نرى الحسرة والندم والخذلان على وجوه من لم يتمكنوا من الحصول على تلك التذاكر، بل وصل الأمر بأحدهم إلى استعداده لدفع ثلاثة أو أربعة أضعاف سعراً للتذكرة.
وقفت مذهولة أمام هذا المنظر الذي جعلني أضحك وأبكي في ذات الوقت، فأنا بالمطلق لست ضد الفن والموسيقى الراقية التي ترتقي بأذواق الشباب، لكن ما رأيته بعد ذلك زاد الطين بلة، حيث وضع إعلان كبير كتب عليه «يمنع منعاً باتاً الرقص بالزي الشعبي الغترة والثوب والعباءة»، ما شاء الله هذا اللي قدرتوا عليه.
كنت أتمنى إعادة قانون (أعد النظر) يطبق على شبابنا، ولكن هذه المرة لإعادة النظر بفوضى العقول والتفكير وانعزال الشباب عن الساحة السياسية ومجريات الأحداث، إعادة النظر بتثقيفهم بالحياة السياسية وطرح أفكارهم في أماكن حريصة على توجيهيهم وتصحيح توجهاتهم، وبمحاضرات تقدمها الجهات المعنية في الدولة والجمعيات السياسية، التي نراها لا تحرك ساكناً وإنما كل عملها هو «شو» واستعراض وتصوير.
كنت أتمنى بدل أن يكون هذا الازدحام أمام شباك التذاكر لحفلة أي مطرب؛ أن يكون لأجل تجنيدهم وانضمامهم لـ»عاصفة الحزم» إن اشتد وطيس الحرب، ولدعم الصندوق العربي بهذه الأموال، كنت أتمنى لهذا الحماس أن يجند ويفعل في وسائل التواصل الاجتماعية لأدعية النصر والعبارات والأغاني الحماسية الوطنية، وأن يوجه هذا الجهد للدفاع عن الحق ودحر الإشاعات والفتن.
الشباب العربي في حاجة إلى أن يعيد النظر وبالتفكير السليم حتى يبتعد عن الانسياق وراء الأحداث والفتن، وحتى لا يكون مساهماً في نشر الأكاذيب والصور المفبركة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.