تاريخياً منذ مطلع القرن العشرين، وهي الفترة التي تأسست فيها دول الشرق الأوسط، كانت القوى العظمى المسيطرة على المنطقة قوى أجنبية مـــــن قـــوى الاستعمـــار البريطانـــي والفرنسي وانتهاء بالنفوذ الأمريكي الذي هيمن على المنطقة خلال فترة الحرب الباردة وحتى الآن.
وبالمقابل كانت هناك مجموعة من القوى الإقليمية المتصارعة التي تحاول باستمرار مد نفوذها والقيام بدور القوى الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط، كما هو الحال بالنسبة للعراق وسوريا سابقاً، ومصر والسعودية وإيران.
إلا أن معطيات اليوم كشفت ضعف القوى الإقليمية الكبرى باستثناء السعودية؛ فجميع الدول التي حاولت لعب هذا الدور في فترات سابقة انتهت أوضاعها بثورات داخلية أو حروب أهلية مدمرة مع تدخلات إقليمية ودولية واسعة النطاق، وبالتالي عندما تم تقييمها سابقاً كقوى إقليمية كبرى كان التقييم غير دقيق تماماً.
من الخصائص التاريخية لمنطقة الشرق الأوسط خلال القرون الثلاثة الأخيرة أنه لم تشهد ظهور قوة إقليمية عظمى من بلدان المنطقة نفسها، حيث كانت هناك قوى دولية عظمى تسعى للتحالف مع بعض القوى الإقليمية وتتحالف معها وتكون العلاقة علاقة نفوذ سياسي بالوكالة. والمعطيات الحالية تشير إلى أن التحولات الجارية من شأنها تهيئة الظروف لولادة قوى إقليمية عظمى قادرة على التأثير وتحريك نمط تفاعلات العلاقات الدولية في المنطقة. والدولة المرشحة للقيام بهذا الدور هي السعودية بما تملكه من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة تفوق مثيلاتها المجاورات، بالإضافة إلى تمتعها باستقرار نسبي يعزز من إمكانية قيامها لهذا الدور.
ظهور قوى إقليمية عظمى جديدة في الشرق الأوسط لا يعني وجود قوة سياسيــة مختلفــة، بل يعنــي انحســار نفوذ القوى العظمى والكبرى الدولية من مستقبل المنطقة. وهي تحولات جوهرية قد لا نستوعب حجمها سريعاً ولكننا سنراقب هذه التحولات التي قــد تشمل المزيد من الحروب الإقليمية المحـــدودة، وانقسامـــــات جديــــدة فــي دول، وولادة دول جديدة، وانهيار أخرى، ومن الصعوبة بمكان حصر العدد المستقبلي للدول العربية على الأقل ولكن الاتجاه القوي هو ارتفاع عددها، وقد تشهد القمة العربية المقبلة في الرباط مناقشة انضمام دول عربية جديدة إلى جامعة الدول العربية.