ملخص كلام بعض المحسوبين على «المعارضة» من الذين اختاروا العيش في أوروبا هو أن كل من يقف إلى جانب الحكومة ويدافع عنها ولو بكلمة حق مجرم وآثم ومأواه النار. هكذا بكل بساطة يصنف هذا المطمئن على أبنائه ومستقبلهم - طالما هو مقيم في الخارج ويأتيه «رزقه رغداً» وهو مرتاح - الناس إلى فئتين؛ إحداهما ستدخل الجنة لأنها تقول بما يقول به وتفعل ما يريده هو ومن معه منها، بغض النظر عن نوع وحجم الأذى الذي قد تتعرض له بما في ذلك فقدها لأبنائها، والثانية ستدخل النار لأنها لم تجب داعي «المعارضة» ودافعت عن قناعاتها وقالت ما تراه أنه حق ولكن لا يصب في صالح «المعارضة».
هذا مثال عن مستوى عقلية «المعارضة» التي تسعى إلى السلطة وتريد أن تحكم شعب البحرين، تؤمن بأن من يقف معها ويضحي من أجلها ولو فقد كل ما يملك وصولاً إلى أبنائه فسيحصل على تذكرة لدخول الجنة، ولولا بعض الحياء لقالت إنه يدخلها بغير حساب، وتؤمن بأن من لا يقف معها ولا يستجيب لأوامرها أو يستجيب ولكن بعد مناقشة فمأواه النار وبئس المصير.
أنت طيب وممتاز ووطني وثوري طالما أنك تسمع الكلام وتنفذ كل ما هو مطلوب منك من دون تردد، ولكنك سيئ وفاقد للوطنية وخائن وبلطجي ومطرود من الجنة طالما أمكن تصنيفك مع من لا يوافق «المعارضة» على سلوكها أو ينتقدها أو يقف مع السلطة التي يرى من وجهة نظره أن الحق معها وأن موقفها هو الصح.
إذا شاركت في اختطاف الشوارع وتسببت في أذى الناس وعطلت حياتهم وعرضتهم للخطر فأنت من الفئة «المنصورة» التي سيجزيها رب العالمين خير الجزاء ويدخلها الجنة، لكنك لو لم تفعل أو ناقشت وأبديت ملاحظاتك على هذا السلوك القميء وانتقدته وانتقدت من يحرض عليه فأنت من الفئة الضالة التي آثرت أن تقف ضد «الشعب المظلوم» وعليك أن تتحمل وزر هذا الخطأ الذي أقله دخولك النار لأنك تكون - حسب هذا التفكير المتخلف - قد وقفت مع غير الحق وغير العدل.
هذا المقيم مع أسرته في الخارج ويعتقد أن الناس في الداخل مجرد أدوات يحركهم بـ«الريموت كنترول» لا يهمه إن خسروا كل شيء وتعرضوا للأذى، فالمهم أنه هو وأبناؤه بخير وبعيدون عن الخطر، والمهم هو أن يفرغ كمية الحقد التي تسيطر عليه فيقول عن الحكم ما يشاء وما قد يكون سبباً في استعادة توازنه النفسي.
«من ليس معنا فهو ضدنا»، هذه هي المقولة الشهيرة لبوش الابن إثر الاعتداءات على نيويورك وواشنطن، قالها ليجبر الجميع على الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وليتحملوا جزءاً من مصروفات ردة فعله المتمثلة في العمليات العسكرية، أما مقولة «المعارضة» فهي «من ليس معنا قولاً وفعلاً، ينفذ ما نطلبه منه من دون مناقشة ومن دون تردد وباعتقاد كامل بأن ما يقوم به هو الحق والعدل والطريق المؤدي إلى الجنة، ومن يقول إن شيئاً من الحق مع السلطة حتى إن تمكن من إثبات هذا القول، فهو ضدنا وضد السنن الكونية ومأواه النار وبئس المصير».
المؤسف أن البعض يأخذ بهذا ويستجيب أملاً في الوصول إلى جنة العدل الموعود بها في الدنيا والجنة في الآخرة، والمؤسف أيضاً أن البعض لا يستجيب ولكن يؤثر الصمت، وهذا الأخير هو الأخطر لأنه سلبي، حيث السلبي هنا يدخل في خانة المؤازر لرأي «المعارضة» وإن لم يشترك في تنفيذ ما تدعو الناس إلى القيام به من أعمال خارجة وناقصة وتتسبب في أذى الوطن.
هكذا قسمــت «المعارضة» مواطني البحرين إلى فسطاطين؛ أحدهما يقود إلى «الجنة».