قيل إن أحد الأشخاص سأل مسؤولاً عن كيفية التصرف في حال رفض البرلمان تمرير مشروع قانون رفع سقف الاقتراض؟
فقال المسؤول: هناك أمران يمكن التصرف من خلالهما؛ الأول أن تتوقف أمور معيشية اعتاد المواطن أن يتلقاها من الدولة، وإن وقفت هذه الأمور سيخرج الناس عن صمتهم وستكتب الصحافة، وسيكون الضغط على النواب لتمرير الاقتراض حتى لا يفقدوا ناخبيهم، وتعود هذه الأمور مرة ثانية للناس. الخيار الثاني؛ أن تصبح الميزانية شهراً بشهر، فنصرف على كل أمورنا كل شهر بدفعة جديدة (على قد الشهر) وهكذا..!
لا أعرف إن كان كل ما قيل صحيحاً تماماً، ولا أريد الجزم به طالما أني لم أسمعه مباشرة، غير أن الإجابات توحي بأن الحديث تم، وأن هذه هي فعلاً استراتيجية المرحلة القادمة.
وربما أن غالبية النواب خبرتهم قليلة، وإذا ما وضعوا في مطب أو محك الضغط الشعبي لتمرير الميزانية ومشروع رفع سقف الدين، ويبدو أن بعض النواب الذين لديهم خبرات سابقة يدركون أن شيئاً من ذلك سيحدث كسيناريو قادم.
في عدد يوم أمس تم التلميح إلى أنه سيتم وقف بدل السكن ومعونة الغلاء وغيرها من الأمور الشهر القادم، وهذه هي بداية بالونات الاختبار، حتى يتم إيقاف أمور أخرى كذلك، ومن بعدها سوف تزيد الضغوط، وقد يأتي النواب أنفسهم ويطلبوا تمرير مشروع رفع سقف الدين العام.
وزير المالية قال إن هناك خطة لمواجهة الدين العام وتقليصه، وإن كان قال ذلك فما هي الخطة التي ستطبق لتقليص الدين العام؟
هل ناقش السادة النواب الخطة، وما هي الاستراتيجية أو الخطط المرحلية حتى لا نصل لفترة حرجة يتفاقم فيها الدين العام، وتترتب على ذلك أمور كثيرة تؤثر على سمعة البلد واقتصاد البلد وتصنيف البحرين.
إذا كانت هناك خطة فهذا يعني أن هناك أرقاماً، وهذا يعني أن لدى الدولة مشروعاً لخفض النفقات لصالح تقليص الدين، هكذا فهمنا، فهل هذا الأمر سيفضي إلى أننا نصل مثلاً إلى العام 2018 على سبيل المثال وقد انخفض الدين العام 50% مثلاً؟
ما هي الخطة التي وضعت لتقليص الدين العام؟
هل مجلس النواب شريك ومطلع على الخطة حتى يراقب التنفيذ؟
لديّ شعور أن مشروع رفع سقف الدين العام سيقر من النواب اليوم أو غداً، وقد يكون هذا حلا آنياً يبحث عنه النواب من بعد تطبيق خطة الدولة التي ستجعل بعض المكتسبات تتوقف لعدم وجود تمويل وسيولة، لكننا كمواطنين نسأل؛ إلى متى سيرتفع الدين العام بشكل متضخم وكبير؟ هل في العام 2020 مثلاً سيصبح لدينا 15 مليار دينار ديوناً وعجزاً بالموازنة؟
إلى أين نحن ذاهبون في موضوع الدين العام؟
دول الخليج دعمت البحرين (ويقال ما عدا قطر) بـ 10 مليارات دينار على مدى عشرة أعوام، مع هذا الدعم الذي تقام به مشروعات خدمية، ولدينا دين متفاقم؛ فما بالك من غير دعم خليجي؟
وزير المالية أيضاً هو شخصياً لديه قلق من تفاقم الدين، وهذا يظهر أن الأمور ليست على ما يرام.
لدينا مقومات كثيرة في هذا الوطن ولا نستغلها، على الأقل لو تطبقون خطة السياحة لمدة 6 أشهر بالعام، وهي أشهر الجو المقبول، لكانت البحرين قبلة سياحية لكل دول الخليج، هذا إذا قررنا أن نقطع أيادي الإرهاب، لكننا لا نفعل.
بالأمس نشرت تقارير عن تذمر السواح السعوديين من عدم وجود برامج ومشروعات سياحية بالبحرين، وقد كانت لدى الإخوة بالسعودية إجازة أسبوع، لكننا من غير أجندات لإجازات دول الجوار، ولا نعرف كيف نستقطب السائح، وبالتالي فإن السائح الذي يأتي للسينمات وبعض الفنادق، ربما لن يأتي مرة أخرى، سيكون خياره الدوحة أو دبي.
أتحدث عن السياحة كمورد ثان للدخل بعد النفط، فالمورد الثاني للدخل بعد النفط ما زالت (الجمارك)، وهذا أمر ليس سيء، لكن مداخيل الجمارك تتعاظم إذا تحرك الاقتصاد وتحركت السياحة، وزاد الاستيراد والتصدير، وتحركت المصانع.
أحياناً بعض المعلومات تحتاج إلى تكرار، فما نعانيه ليس فقط عجزاً بالميزانية، وإنما عجزاً في إيجاد (صناعة موارد) وهي تتضمن الكثير (المطار، الجمارك، عوائد الخدمات أو الضرائب، التجارة، والمصانع، السياحة، إعادة التصدير) وهكذا القائمة تطول، لكن ماذا لدينا من كل الذي ذكر؟
العجز ليس عجز ميزانية وإنما عجز استراتيجيات وعجز خطط بديلة للنفط، كما فعلت الإمارات التي لديها عوائد (غير نفطية) تفوق العوائد النفطية.
ليست هناك مشكلة في أن توضع ميزانية معقولة وغير متضخمة للثقافة، لكن الظروف التي نمر بها اليوم يتعلق تجعلنا نضع الأولويات، فالملايين التي تضخ للثقافة (التي أصلاً هي لا تلامس إحساس وشعور المواطن البحريني ولا قيمه ولا دينه) يجب وضعها في مشروعات عملاقة تستقطب السائح الخليجي، هكذا يتحدث من يرى الأمور بتجرد ومن يريد أن ينمي مداخيل الميزانية العامة.
أما أن نضع ملايين (متلتلة) للثقافة في هذا التوقيت ونقول للناس لا توجد سيولة، فهذا يشبه وضع باب مزخرف (حداثياً) على بيت آيل للسقوط..!!