بهذه البساطة وصل إلى القمة لأنه كان “أصماً”..هكذا كان صاحبنا ذلك الضفدع “الأصم” الذي كان ضمن مجموعة من الضفادع المشاركين بمسابقةٍ لتسلق أكبر برجٍ في المدينة، وبعد انتهاء هذا السباق لم يرتقِ أعلى البرج سوى ضفدع واحد وهو ذاك “الأصم”.
لا يوجد هنا ثمة غرابة، بل العجيب في الموضوع أن هذا الفائز اتضح أن به صمماً ولا يسمع على الإطلاق، أما الآخرون وبقية المشاركين تساقطوا واحداً تلو الآخر ولم يستطع أحد منهم تحقيق هدفه، وذلك بسبب ارتباك بعضهم لصراخ وهتافات الجمهور، بالإضافة إلى نزاعات فئة منهم في ما بينهم.
أما صديقنا “الأصم” فهو مثال للشخص الطامح الجاد الذي يريد بلوغ غايته وتحقيق هدفه، متسلحاً بجلد صبره وبأس عزمه، فلو أذعن ذلك “الأصم” سمعه لكلام المثبطين وأصوات العاجزين، فإنه حتماً لن يستطيع السير على رسم خطته لمبتغاه ونيل مطلبه، كأولئك المتنافسين الذين فشلوا في إكمال المسير والعبور، بل وضعفوا لتكالب نعيق الجمهور.
من جانب آخر، كان صمم صاحبنا هذا متمثلاً في صميم القول: “رب ضارة نافعة”. وإن لم يكن هذا الضفدع أصماً فلربما وقع في فخ اليأس ووحل الإحباط الذي يحيد بالمرء عن التقدم والإنتاجية.
علاوة على ذلك، فإن من فائدة ذلك الصمم في عدمه إمكانية خوض ذلك الضفدع “الفائز” في جدال مع أقرانه ودخوله في نقاش عقيم ومراء سقيم، كتلك البقية التي انصرفت عن أهدافها بسبب انشغال كل منهم بغيره بدلاً من الانشغال بالنفس وتطويرها.
في المقابل، فرغم أهمية تحلي المرء بالصمم في كثير من المواقف، فإن طموحاته وأحلامه لا تمنعه من الوقوف أحياناً والتأكد من نقاء عمله وسلامة سيره، فضلاً عن محاسبة ذاته وجلدها في حال تقصيرها. كذلك أنها لا تمنعه من الأخذ بالانتقاد والنصح، لاسيما إن كان ذلك النقد إيجابياً وبناءً. في الوقت ذاته فإنه من الضروري الابتعاد وتجنب تلك السهام السامة والأشواك الجارحة من أي أقاويل هدامة موجهة له.
شعلة
إن أجمل رد على أفواه الحاقدين وطعناتهم الاهتمام بالنفس والدأب على تطويرها، عطفاً عن الاعتناء بذلك الطموح العالي وتلك الهمة الوثابة عن طريق العمل والإنتاج.