منذ أكثر من عشر سنوات والحكومة تتحدث عن الدعم الذي يقدم كما تقول للطاقة والمواد الغذائية وغيرها من المواد والمجالات والذي يصل مجموعه إلى حوالي مليار و200 مليون دينار سنوياً، وما يمر شهر إلا ونطلع على تصريح لمسؤول حكومي أو قرار لمجلس الوزراء يتحدث عن ضرورة إعادة النظر في الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه دون أن نرى أي خطوة عملية في هذا الاتجاه.
كما أننا لم نقرأ طوال السنوات العشر الأخيرة ما يفيد بجدية الحكومة في إعادة النظر في وضع الدعم، وهي الجدية التي تبدأها الدول عادة -كما فعلت مصر- بإعداد دراسة عن مبالغ ونسب الدعم التي تقدمها لمختلف القطاعات والشرائح الاجتماعية، وتصل إلى تحديد الشرائح والفئات من المواطنين التي تحتاج إلى الدعم، وتلك التي لا تحتاج إليه بحكم دخلها المرتفع والقادر على التكيف مع الأسعار غير المدعومة. فعبارة توجيه الدعم لمستحقيه تتطلب وضع تعريف ومفصل لحجم الدعم الذي يقدم والمجالات التي يقدم فيها وإليها، ثم تبيان الفئات المستفيدة من هذا الدعم من حيث الجنسيات والأعداد والنسب، وهي المعلومات والإحصائيات اللازمة للوصول إلى تحديد مستوى الدخل الأدنى الذي يستحق الدعم، وهو ما سيقودنا إلى معرفة أو وضع حد أدنى للأجور وبالتالي إجمالي ميزانية الأسرة، وهي الميزانية التي وضعت مرة واحدة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في ثمانينات القرن الماضي، ولم تتكرر بعدها حتى يومنا هذا. المؤشر الذي تحت يدنا اليوم لتقرير استحقاق الدعم هو الدعم أو العلاوة (علاوة الغلاء) الذي يقدم للمواطنين أصحاب الأسر الذين يقل دخلهم عن 1000 دينار، لكن تحديد هذا الدخل لم يتم من خلال إجراء دراسة موضوعية نتعرف من خلالها على الإمكانيات المادية اللازمة لتمويل ميزانية الأسرة والتي تشمل الحد الأدنى للأجر أو الراتب الذي يستطيع به المواطن أو الأسرة تلبية المتطلبات المعيشية وتحقيق التوفير المحدود واللازم، والقدرة على تطوير مستوى معيشتهم، وتلبية احتياجات الأسرة من التعليم والتطبيب والترفيه.
هذه الدراسة لم نسمع أن الدولة قد عملت على وضعها، فكيف بها إذاً أن تتحدث عن وجود دعم وعن نيتها توجيهه إلى مستحقيه؟!
للموضوع صلة الأحد القادم.