في خضم هذا الكم من الخراب والانحدار في الوطن العربي تشع مصر كضوء فنار في بحر متلاطم وسط العتمة ينير دروب الأمل لأمة تشعر أنها تدخل التيه وتتوغل فيه. ونجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي أثبت متانة النظام المصري وقوة الدولة المصرية والثقة العالمية التي تحظى بها مصر وتؤهلها للانطلاق نحو نهضة جديدة وتقدم مأمول. عولت بعض الجهات على إفشال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي قبل انعقاده بزعزعة الإقبال المحلي والعالمي على الاستثمار في مصر. ضراوة التفجيرات التي سبقت المؤتمر بعدة أسابيع كانت مؤشراً على ذلك. ومحاولة توريط الجيش المصري في المستنقع الليبي بذبح مجموعة من المسيحيين المصريين على أيدي الدواعش المستقرين في ليبيا كانت فخاً لاستدراج الجيش لمعركة طويلة ومفتوحة استطاع الجيش الرد عليها دون السقوط في الفخ. وعمليات تسريب مكالمات هاتفية لمسؤولين كبار في النظام المصري هدفت لتعكير العلاقات المصرية الخليجية لكف المعونات والاستثمارات الخليجية في مصر. وأثناء كل هذا تعلق البعض بأمل عزل النظام المصري استناداً إلى المتغيرات الإقليمية بتغير رأس الحكم في المملكة العربية السعودية وبفشل الجماعات المتطرفة في تحقيق المشروع الغربي الرامي إلى تفتيت المنطقة مما يعني عودة الاستعانة بالتنظيم الإخواني ليسترد دوره الذي انتزع منه في مصر وتونس وتعرضه لضربات في غير دولة عربية. كل تلك الجهود الآثمة انهارت يوم توافدت الجموع رفيعة المستوى من رؤساء دول أو حكومات ورجال أعمال لحضور المؤتمر في منطقة شرم الشيخ المتاخمة لسيناء التي يقبع فيها تنظيم بيت المقدس وأقرانه ممن تم ضخهم في غفلة من المصريين وتخزينهم في شبه الجزيرة ليكونوا ذخيرة حية لتدمير مصر. سيطرة أجهزة الأمن المصرية وحضور الجيش أثناء عقد المؤتمر بطيارات الأباتشي وجموع الضفادع البشرية أضفت شعوراً بالأمان برغم بعض التفجيرات التي شهدتها القاهرة وبعض المناطق داخل مصر. ونتائج الاستثمارات التي تجاوزت 130 مليار دولار برهنت على نجاح النظام المصري الجديد برئاسة عبدالفتاح السيسي في بسط الأمن وفي تدشين برنامج إصلاح اقتصادي جاذب للاستثمارات الخارجية من كل بقاع الكرة الأرضية. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه النظام المصري أمنياً واقتصادياً وسياسياً، بل وحتى قضائياً، وبالرغم من وتيرة التغيير البطيئة نسبياً التي يحرزها، إلا أن التجربة المصرية تبقى شاهدة على خطورة مشروع «الشعب يريد إسقاط النظام» الذي حملته الفوضى في الوطن العربي، وبالرغم من بعض الإخفاقات إلا أن القيمة الأمنية والاقتصادية لقوة الجيش المصري تبرهن على كارثية مقصد شعار «يسقط حكم العسكر» الذي بموجبه تم تفكيك الجيش العراقي العظيم، وتم زرع الكراهية للجيش العربي السوري. فالدولة المصرية العريقة والجيش المصري العظيم أثبتا أنهما رصيد الاحتياط للأجيال المصرية وميزان استقرار البلاد وتطورها، وإن كثر المخرصون وإن تكالب المتآمرون.