لا يختلف اثنان على الموقف الإيراني التاريخي من العرب، وهو موقف عنصري يعلي من شأن القومية الفارسية مقابل العروبية، ضد العرب الذين قادوا جيوش الفتح الإسلامي إلى الإمبراطورية الفارسية الساسانية «تشير ويكيبيديا إلى أن بعض المصادر ذات الصبغة القومية يعرف هذا الحدث باسم الفتح العربي لفارس».
وهذه النظرة البغيضة تعتبر أن العرب الذين هم سبب زوال الإمبراطورية الفارسية بحضارتها الضاربة في القدم، وليس الإسلام الذي استوعب الحضارة الفارسية، هم أقل حضارة منهم.
وعلى الرغم من الإسهامات المقدرة للعلماء الإيرانيين «الفرس» في التاريخ الإسلامي، إلا أن القوميين العنصريين في إيران لم يستفيدوا أن يكونوا أقرب إلى العرب من غيرهم، للعب دور مهم في إدارة الأزمات بالمنطقة، بل أصبحوا هم من يحركون الأزمات فيها، ببعد قومي وعنصري وطائفي بغيض.
وليس ببعيد تصريح مستشار الرئيس الإيراني علي يونسي، الذي شغل منصب وزير الاستخبارات في حكومة الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي، الأسبوع الماضي، والذي قال فيه إن «إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.
لن تستفيد إيران من هذه التوجهات إلا بصناعة عداء مع الشعوب العربية، وكراهية تجعلها وحيدة إذا ما حدثت أي تحولات في الدعم الخفي الذي توفره لها الولايات المتحدة الأمريكية.
إن إشارة علي يونسي إلى أن «كل منطقة شرق الأوسط إيرانية»، يعزز مخاوف مآلات تدخلات طهران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وليت الأمر وقف عند ذلك، فقد جاءت توصيفات رئيس تحرير وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية حسن هاني زاده، يوم الأحد الماضي «15 مارس»، لتصب الزيت على النار، إذ دعا العراقيين لترك «العروبة المزيفة الجاهلية وتراب الذل العربي» وتغيير ملابسهم بعيداً عن «الدشداشة والكوفية».
وتفضح مثل هذه التصريحات عمق البغض الإيراني التاريخي للعرب، ورهانها على أن تتمدد في كل منطقة الشرق الأوسط، ولا تكتفي بتدخلاتها الفجة في سياسة المنطقة.
تحتاج إيران إلى إعادة قراءة موقفها التاريخي من العرب من أجل عيش مشترك فهي يمكنها أن يكون لها وضعها الإقليمي المهم في سياسة المنطقة، بدلاً من استعداء الدول وشعوبها.