عجت أدوات التواصل الاجتماعي خلال هذه الفترة بتناقل تصريح حول تكليف المرشد الأعلى الإيراني خامنئي الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بما أسماه «نصرة شيعة البحرين وضرورة التنسيق مع حزب الله لتقديم الدعم للشعب البحريني»، وكأن التصريح «جس نبض» ومكاشفة صريحة لإيجاد تدخل عسكري إيراني في البحرين يجاري دندنة البعض المستمرة بـ«التدخل الإيراني لإنجاح ثورة البحرين الإرهابية».
أما الجملة المثيرة الواردة على لسان سليماني في التصريح غير المؤكد أن «المنامة مقصدنا لتحرير أهلها من المستكبرين وستكون مفاجآت».
كل هذا الكلام سواء تأكدت صحته أم لا مركون للجهات المختصة لإيضاحه، رغم أن انتشاره يؤجج حالة من الذعر والقلق بالتأكيد في أوساط الرأي العام، إنما ما حصل مؤخراً من ضبط مواد متفجرة قادمة من العراق على جسر الملك فهد على يد شخص مطلوب أمنياً، وقبلها حادثة إطلاق النار من قبل ثلاثة أشخاص مطلوبين أمنياً في محافظة العاصمة، تطرح أسئلة عديدة حول فكرة إن كان كل ما حدث له علاقة بتصريح المفاجآت المتناقل، وهل هناك مفاجآت فعلاً في الطريق قادمة إلى مملكة البحرين؛ أم أن كل ما يشاع مجرد عبث من قبل أطفال الكيبورد والإعلام المضلل؟
جميع المعطيات على الساحة الإقليمية تعكس أن مملكة البحرين مستهدفة أمنياً أكثر من أي وقت مضى خلال هذه الفترة، كما أكد الكثير من المحليين السياسيين في المنطقة من خلال أطروحاتهم أن هناك طموحاً إيرانياً في أن تكون المنامة العاصمة العربية الخامسة التي تسقط بيد إيران بعد سقوط اليمن.
ورغم وجود تحليلات معاكسة للرأي السابق تعكس أن إيران استنزفت قواها في دعم الصراعات الجارية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وقد يكون هناك صراع على السلطة الدينية فيها بعد رحيل خامنئي، ولن تجازف بجر قواها إلى البحرين على الأقل خلال الفترة الراهنة، وبالتأكيد أن مسألة النووي الإيراني هي البوصلة التي ستحدد خيارات أهدافها خلال الفترة القادمة؛ إلا أن كل ذلك بالتأكيد يرمي إلى مسألة متابعة ترتيب الأولويات الأمنية عند مملكة البحرين ودول المنطقة بالكامل وإيجاد المزيد من التحالفات مع القوى الإقليمية والدولية، وألا يكون الانشغال بمحاربة داعش من قبل الدول المتحالفة مع مملكة البحرين كالأردن ومصر يأتي على حساب المخاطر الإيرانية بالمنطقة.
وإذ إننا نقدر كافة الجهود الأمنية التي تقوم بها وزارة الداخلية، وعلى رأسها معالي وزير الداخلية، فإنجازاتهم الأمنية منذ أزمة البحرين الماضية لا تعد ولا تحصى، وهي محل فخر واعتزاز لنا أمام دول المنطقة؛ إلا أن هناك عدداً من علامات الاستفهام التي تستوجب التنبه لها أهمها إن كانت هناك علاقة بين هذا البيان المعمم الذي يحمل مفهوم المفاجآت والقضايا الأمنية الجارية في الساحة مؤخراً؟ العمليات الإرهابية التي تصاعدت وتيرتها خلال الأيام الفائتة من حرق وتخريب واعتداء على سيارات الأمن؛ أكانت ضمن موجة التصعيد والتهدئة التي تقوم بها الخلايا الإرهابية كل فترة أم تعد مرحلة «تسخين»، كما يفسرها البعض لمفاجأة قادمة فعلاً؟ هل هناك روابط بين العودة للدندنة على التدخل الإيراني العسكري وتلميع صورة المدعو سليماني من قبل وسائل الإعلام الصفراء، والتركيز عليه خلال هذه الفترة؛ أم أن الأمور جرت بمحض الصدفة لا أكثر؟
البيانات الصادرة من حركة أنصار ثورة 14 فبراير بالبحرين التي تعلن دائماً وبكل صفاقة التقارب مع الأهداف الإيرانية؛ بل وتصدر بيانات تدعم وتبارك ما يجري في العراق وسوريا واليمن، بل إن هناك بياناً صادراً بأهمية ألا يتكل الشباب على علماء الدين بالبحرين فبعضهم «غر بالمال» إنما عليهم أن يتجهوا إلى العراق وإيران ليتزودوا بالعلم الذي يسلحهم لاستمرارية الثورة، علامات استفهام تعكس إن كانت الخلايا الإرهابية لدينا تتمتع بالتنقل من البحرين إلى إيران والعراق بكل سهولة وأريحية؟ هل هناك إجراءات لمتابعة من يقوم بإصدار مثل هذه البيانات التحريضية؟ هل هناك متابعة للتحركات التي تقوم بها عناصر الخلايا الإرهابية؟ وهل هناك ضمانات بأنه لا توجد تدريبات سرية تتم خلال هذه الفترة لأجل تأجيج الوضع الأمني في البحرين أكثر؟
مملكة البحرين ستكون دائماً وبإذن الله عصية على أعدائها بتكاتف إخوتها من دول مجلس التعاون الخليجي معها وحلفائها من الدول العربية والأجنبية، ولكن الواقع الحالي على مملكة البحرين يفرض التحرك نحو إيجاد المزيد من الضمانات الأمنية لأبعاد الوهم الإيراني في أن تكون المنامة العاصمة الخامسة لإيران.