خلال الأيام القليلة الماضية اتخذت الحكومة بعض الخطوات وتسرب منها البعض الآخر، وهي خطوات تشير إلى ملامح الميزانية المرتقبة والتي استغرق طبخها على نار هادئة جداً مدة طويلة تفوق مثيلاتها من الميزانيات السابقة.
الخطوات التي اتخذت أو أعلنت هي استحداث الرسوم الصحية وتلك المتعلقة بزيادة الرسوم على الخدمات أو استحداث رسوم جديدة، ومنها على سبيل المثال زيادة أسعار الغاز والبنزين والديزل، وزيادات أخرى تتعلق بالمرور جاء بها القانون الجديد، وهي كلها زيادات جاءت بالتقسيط وعلى أوقات متباعدة حتى لا تحدث صدمة كتلك التي حدثت في العامين 2012-2013 عندما اتخذت الحكومة قراراً مفاجئاً بزيادة سعر الديزل والغاز والإسفلت، واضطرت للتراجع عنها بعد ضغط وصراخ رجال أعمال من الخسائر الكبيرة التي ستلحق بهم ومن أن هذه الزيادات ستشرد المستثمرين إلى دول أخرى.
مؤشر زيادة الرسوم أو استحداث رسوم جديدة هو ما يبدو أن الحكومة ستلجأ إليه لمعالجة عجز الميزانية الكبير والمنتظر تغطية لعجزها الدائم والمستمر عن تنويع مصادر الدخل الذي نسمع عنه منذ 45 سنة دون أن نراه على أرض الواقع، وكذلك للهروب من أفضل وأنجح حل وهو فرض الضرائب وذلك لأنها تتناقض مع مقومات وتوجهات الدولة الريعية.
والمؤشر الآخر لملامح الميزانية العامة للدولة المرتقبة هو قيام الحكومة بتخفيض وتقليص المصروفات العامة وبالتحديد مخصصات بعض الوزارات والمصروفات الرأسمالية (المشروعات) والقليل من المصروفات المتكررة والتي لا تمس الباب الأول (الرواتب) من الميزانية، والذي يعتبر ركناً أساسياً من أركان الدولة الريعية.
من المعلومات التي تسربت في هذا المجال تقليص ميزانية وزارة التربية والتعليم من ناحية وجامعة البحرين من ناحية أخرى بنسبة 15%، وإذا حدث هذا بالفعل فإنه سيشكل كارثة لقطاع التعليم الذي هو بأشد الحاجة لزيادة مخصصاته في الوقت الذي ارتفع فيه عدد طلاب الفصل في الجامعة من 15 إلى 40 طالباً!
وبالنسبة لتقليص المصروفات الرأسمالية فقد مهد لذلك تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير الذي ذكر أن الحكومة بوزاراتها وشركاتها وهيئاتها لم تصرف في الميزانية السابقة إلا 44% من مخصصات المشروعات.
لكن المتوقع ألا تؤدي إجراءات التقشف هذه من زيادة الرسوم وتقليص المصروفات إلى التعويض عن خسارة أسعار النفط، وبالتالي سد العجز في الميزانية.