توقفت سياحة الأجانب في العراق مع اشتعال الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980 واستمر توقفها حتى يومنا هذا، فمن المعلوم أن مناطق الحروب لا ينشط فيها أي نوع من أنواع السياحة عدا سياحة القتال، لكن يبدو أن هناك بصيص أمل في هذا المجال على يد سفير العراق في روسيا!
السفير العراقي دعا روسيا إلى العمل على رفع مستوى العلاقة بينها وبين العراق في مجال السياحة، وفقاً للوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة، وقد رأى أن العلاقات بين روسيا والعراق متطورة في مجال العمل الدبلوماسي والعسكري والثقافي والسياسي، إلا أنه في المجال السياحي هناك قصور، وحتى ينشط السياحة بين البلدين توصل سعادة السفير إلى الحل وهو تجميع المواطنين الروس المسلمين وإرسالهم إلى العراق على شكل أفواج ليزوروا ما أسماها «العتبات المقدسة»، فلم يكتف السفير بآلاف الإيرانيين الذين يجتاحون النجف وكربلاء وبغداد يومياً، بل يذهب ليدعو الروس لمشاركة إيران في هذه السياحة، وكل ذلك لصالح طائفة واحدة في العراق.
ليست هذه المرة الأولى التي يعمل فيها هذا السفير لصالح فئة بعينها، فقبل ذلك سجل ما اعتبرته الحكومة العراقية والأحزاب الشيعية إنجازاً عندما نجح في وضع تمثال لرجل الدين الشيعي محمد باقر الصدر في جامعة العلاقات الدولية الحكومية بموسكو، وذهب بنفسه وافتتح التمثال الذي قدمته السفارة للجامعة، كل هذه النشاطات مفهومة إذا صدرت من سفير شيعي، ففي عراق المحاصصة الطائفية كل مسؤول في منصبه يعمل لصالح طائفته أولاً، حتى السفراء في الخارج يعمل كل منهم على قضية طائفته -عدا السفراء السنة- لعدم وجود قيادة توجههم، لكن سفير العراق في روسيا سني وتابع لجماعة الإخوان في العراق وواجهتهم السياسية «الحزب الإسلامي» ويمثلهم في هذا المنصب، وهؤلاء جاءوا مع الاحتلال الأمريكي وقدموا أنفسهم ممثلين عن العرب السنة، أو هكذا أرادت أمريكا ومن معها، ومن غير المفهوم نشاطه الذي لا يمت لجماعته بصلة.
هناك مبرران لهكذا عمل؛ الأول أن السفير يجتهد في تقديم فروض الطاعة والولاء للحكومة الطائفية في العراق ليحافظ على موقعه الوظيفي، وهذا لن ينفعه في شيء، فوجوده وغيره من العرب السنة في مناصبهم هذه مجرد وقت بعدها سيطردون ولا مكان لهم في عراق إيران، وهذا الفعل سيزيد فقط في مدة وجوده ليحصل على المزيد من المكاسب الشخصية، الثاني أنه يتصرف وفق توجيه حزبي وهو يؤدي الدور المرسوم له ولحزبه بشكل صحيح، وفقاً لتفاهمات قديمة بينهم وبين الأحزاب الشيعية، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن العلاقة بينهم تعود إلى تاريخ تأسيس الحزب نفسه، فقد صرح رئيس الحزب الإسلامي الأسبق محسن عبدالحميد على قناة بغداد التابعة للحزب الإسلامي أن الهيئة التأسيسية للحزب الإسلامي العراقي ضمت معممين شيعة في بداية الستينات.
هذه التصرفات هي جزء بسيط وجانب من سياسة يتبعها الإخوان في العراق تجعل من غير الممكن عليهم أن يمثلوا للعرب السنة في العراق ويكونوا قادة لهم أو أن يحظوا باحترامهم.