جلسة مجلس النواب لمناقشة مشكلة العمالة السائبة اتخذت اتجاهين متعاكسين: اتجاه يسير فيه المسؤولون في الحكومة من وزراء ورؤساء في هيئة سوق العمل ووزارة الداخلية وغيرها وهؤلاء يركزون في مداخلاتهم على أنهم قاموا بالتفتيش والقبض على العمالة السائبة، في هذا العام وصل العدد كذا والعام السابق كان كذا، وهيئة سوق العمل تقول لقد قللنا عدد العمالة للسجلات الجديدة حتى لا يستقدموا أكثر من حاجتهم، ووزير العمل يتذمر من مدى تعقيد المشكلة وتعدد أطرافها في الداخل والخارج وأنها بالفعل بحاجة إلى حلول أكبر من التي اتخذت، لكنه يؤكد على أن وزارته قامت بتحويل آلاف من العمالة السائبة إلى عمالة نظامية.
والاتجاه المعاكس هو الذي يسير فيه النواب والذي يقول للمسؤولين في الحكومة رغم كل الإجراءات التي تتحدثون عنها وتقولون إنها أدت إلى القبض على الآلاف وتسفير الآلاف وتحويل الآلاف إلى عمالة نظامية، إلا أن أعداد العمالة السائبة في ازدياد مستمر وليس في تناقص كما تزعمون، فاليوم تقول إحصائياتكم إن عددهم هو 60 ألفاً وغداً يقفز العدد إلى 100 ألف وبعد غد يتجاوز 120 ألف، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار الإحصائيات التي تصدرها جهات مختلفة مثل هيئة التأمين الاجتماعي وهيئة سوق العمل ووزارة العمل، فالعمالة السائبة هنا هي التي تشكل الفجوة أو الفرق بين ما تقوله هيئة التأمين الاجتماعي وما تقوله هيئة سوق العمل، وهو ما يعني أن عدد العمالة السائبة في مملكة البحرين لا يقل عن 120 ألف شخص.
في هذا الاتجاه المعاكس يسير النواب باتجاه قوي وشفاف نحو البحث والقبض ومعاقبة الهوامير أو الأشخاص الكبار الذين أمروا أو سمحوا لمستوردي العمالة بالحصول على عشرات أو مئات التأشيرات مرة واحدة، وتكرار هذه الموافقات في مرات لاحقة، ومن ثم قيام هؤلاء المستوردين باستقدام العمالة وقبض ثمن باهظ لتأشيراتها ومن ثم تركها في السوق تعمل ما تشاء وتفعل ما تشاء من أجل أن تحصل على دخل يمكنها من تعويض ما دفعته للمستوردين الذين قبضوا الثمن وتركوا العمالة تسيب وتسرح في البلاد.
ومن هنا فقد كان تركيز النواب على البحرينيين الذين رخصوا ومنحوا التأشيرات وعلى البحرينيين الذين استوردوا عمالة وتركوها في السوق مفضلين مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة لبلدهم ووطنهم، هؤلاء البحرينيون الذين يجب أن تركز عليهم حملات وزارة الداخلية والعمل وهيئة سوق العمل باعتبارهم المسؤولين الحقيقيين عن مشكلة العمالة السائبة، وإلا فستبقى هذه العمالة مثل كرة الثلج لا ينفع معها لا قبض ولا تسفير، وتبقى إجراءاتكم تصطاد «العفاطي» وتترك «الهوامير».