لم يجب أحد حتى الآن على السؤال المطــــروح في عنــوان المقــــال؛ فالتحليلات والرؤى تتحدث عن الاستراتيجيات والآليات والتكتيكات ومستقبل الأمن الدولي والإقليمي، ولكنها لا تتحدث نهائياً عن الموعد المحتمل لإنهاء الحرب العالميـــة ضــد الإرهــاب، ومــــن الواضح أن المجتمع الدولي ليس مهتماً بهذا الموعد بقدر اهتمامه بحشد الجهود والطاقات وتسخير الإمكانيات.
لـــن نجــد من يتحدث عن الإطـــار الزمني للحرب على الإرهاب، وهو ما يدفع للتساؤل عما إذا كانت الحرب ضد الإرهاب قد توقفت منذ أن أعلنها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في العام 2001، أم أنها مازالت مستمرة بأعداء جدد وبمواجهات جديدة مختلفة.
هـــل المجتمع الدولي بحاجة إلــى ابتكار أعداء جدد باستمرار حتى يضمن حالة الصراع في النظام الدولي؟ وهل تتقاطع هذه الحالة مع المساعي الشكلية لحفظ الأمن والسلم الدوليين؟
في السابق كانت العداوات تظهر لما تسمى بالدول المارقة، ثم الأنظمة السياسية المتطرفة، والآن تحولت العداوات الدولية لجماعات ثيوقراطية متطرفة تنشر الفوضى بالإرهاب، وليس واضحاً شكل التطرف والإرهاب مستقبلاً.
الإرهاب والتطرف لن ينتهي مادام هناك تجاهل لأبعاده الثلاثة؛ الفكر، والتنظيـــم، والتمويـــل. فالعالـــم عندما يحارب القاعدة وداعش فإنه يحارب تنظيمات ولا يحارب بالجهد نفسه أنشطة التمويل، والأهم محاربة الأيديولوجيا الثيوقراطية التي تتبناها هذه الجماعات.
هناك نشاط دولي متصاعـــد إزاء الإرهاب ومحاربته، ولكنها تتركز في الأنشطة العسكرية فقط، في الوقت الذي يتم تجاهل أنشطة التجنيـــد الفكـــري عبـر شبكــــات التواصل الاجتماعي والمؤسسات الدينية حول العالم. وأيضـــاً يتــم تجاهل أنشطة تمويل الإرهاب التي تتم باسم الأعمال الخيرية أو تحت مسميات المساعدات الإنسانية والأخطر منها المال الديني الذي تستغله الجماعات الثيوقراطية لأجنداتها السياسية وترفض مناقشة نظامه وفرض رقابة قانونية عليه.
فــــي نوفمبر 2014 استضافــــت البحرين اجتماعاً دولياً مهماً بمشاركــة ممثلين عن المجتمـــع الدولي لمناقشة منع تمويل الإرهـــاب وصـــدر عـــن الاجتمــاع توصيات مهمة وهي الآن بحاجة لتفعيل وتنفيذ دون أي تأخير.
وإعادة طرح التوصيات من جديد يجب أن تأخذ منحى جديداً عبر آليات مختلفة وبرعاية أممية، على اعتبار أن هناك دوراً ينبغي أن تضطلع به مؤسسات المنظمة الدولية.
الإرهاب الدولي شغل ومازال يشغل حيزاً كبيراً من اهتمامنا واهتمام الحكومات وستكون كلفته كبيرة ليس الآن وإنما خلال العقود المقبلة وهو ما ستدفعه أجيال المستقبل عاماً بعد آخر.
ومع وجود أسئلة كثيرة من الصعب إيجاد إجابات لها، يبقى السؤال الأهم من دون إجابة، ولن نعرف موعد انتهاء الحرب على الإرهاب أبداً.