منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحديداً منذ عام 2006، وهو عام إنشاء «تمكين»، أصبحت هذه الهيئة تشغل الكثير من الحوارات بين المواطنين، غير أن المهم (في تقديري الشخصي) هو ما تقدمه تمكين للمجتمع وللمواطن وللاقتصاد على حد سواء.
مشروع «تمكين» مشروع كبير ورائد، وإذا ما وضع على السكة الصحيحة فإن من شأنه أن يصبح أنموذجاً لأهل الخليج والمنطقة، فأكثر ما يشغل الشباب اليوم هما سؤالان هامان؛ الأول كيف أجد وظيفة تعبر عن طموحي ورغباتي ويمكن لها أن تدر دخلاً محترماً عليّ، والثاني هو إذا ما وجدت لديّ الأفكار والرغبة القوية والمشروع الذي أريد تنفيذه؛ من الذي سيمول مشروعي ولو بنصف القيمة، أو على الأقل يدفع قيمة الأجهزة؟
هذه الأسئلة تشغل أغلب الشباب في مقتبل العمر، كما إن هناك من الشباب (من الجنسين) من لا يريد وظيفة مكتبية نمطية، أو أن يعمل في مكان ما ويصبح مثل الآلة دون أن يتطور بعد فترة. «تمكين» توفر ذلك للشباب، وتجعل القطاع الخاص قبلة لمن يريد أن يكون لديه مشروعه الخاص لكنه لا يملك المال الكافي.
الأسبوع الماضي التقيت بالرئيس التنفيذي لتمكين الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في مكتبه، ودار حوار بيننا برفقة الزميل أنس الأغبش من قسم الاقتصاد.
الحوار كان متشعباً، غير أن هناك أموراً كثيرة أراد الشيخ محمد بن عيسى أن يوضحها للرأي العام وللصحافة، وأحسب أن هذه النقاط جد هامة، كما إن بادرة اللقاء والتحاور تجعل الطرفين ينقلان لبعضهما الأفكار والهواجس التي لدى كل طرف.
من الأمور الهامة التي أعلن عنها الرئيس التنفيذي، والتي ربما غير معلومة للرأي العام هي أنه ومنذ العام 2012 أصبح المواطنون العاملون في القطاع الخاص أكثر من العاملين في القطاع العام، حيث يقدر عدد المواطنين في القطاع الخاص أو من لديهم مشروعهم الخاص بنحو 100 ألف مواطن، كما إن معدل الزيادة السنوية بالدخل في القطاع الخاص تقدر بـ 6%، وهذا غير متاح في القطاع العام.
هذه معلومة هامة تطرق إليها الشيخ محمد بن عيسى، وهذا يصب في جعل القطاع الخاص الوجهة ليصبح للمواطن مشروعه الخاص والأفضل من حيث الدخل من التوجه إلى الوظيفة الحكومية.
وسط الحديث، قال الرئيس التنفيذي: «أتمنى ولدي طموح أن تكون تمكين في كل بيت بحريني»، كما قال أيضاً: «نعم.. حققنا أهدافنا، لكن لم نحقق طموحنا، فطموحنا أكبر مما تحقق حتى الآن».
قلت للشيخ محمد بن عيسى؛ هناك توجسات لدى بعض المواطنين عن «تمكين».
فقال: أغلب هذه التوجسات غير صحيحة، وقد قمنا خلال العامين الماضيين بمراجعات وتصحيح لبعض الأمور، غير أن هذه التصحيحات كانت ممتازة بحسب رأي الناس والمتعاملين معنا.
ويضيف الشيخ محمد: خلال فترة توقف البرامج أخذنا نصحح ونراجع الكثير من الأمور، وجدنا بعض ما يثار من الصحافة وكتاب الأعمدة صحيحاً، وقمنا بالمراجعة وبالتصحيح، فنحن نريد أن نصحح أي خطأ يحدث حتى وإن كان غير مقصود.
وحول ملاحظات تقرير ديوان الرقابة المالية والتي تقدر بـ 18 ملاحظة، قال إنه تم التعامل مع 12 ملاحظة وجار العمل على الباقي، كما إن لدينا حواراً مع الأخوة في ديوان الرقابة لتوضيح بعض الأمور التي نرى أننا بحسب القانون يجب أن نطلع بها.
في محطة أخرى من الحوار قلت للشيخ محمد بن عيسى؛ هل لدى تمكين توجه أو قائمة أولويات يحتاجها الاقتصاد البحريني لأجل توجيه الدعم اتجاهها؟
قال: أنا ضد التوجه بالدعم لمشاريع بعينها، ذلك أن قوة الاقتصاد تكمن في التنوع، وليس في قطاع بعينه، ونحن نحتاج كمجتمع ناشئ لهذا التنوع الذي ستظهر نتائجه مستقبلاً.
وأضاف: في العام 2011 حين حدثت الأزمة، توقف القطاع السياحي بالبلاد (على سبيل المثال) أليس هذا صحيحاً؟
قلت نعم، فقال: لكن حركة التصدير والتجارة والمصانع بقيت وتعمل، ولو أننا وضعنا برامجنا في قطاع معين (كالتركيز على قطاع بعينه) فإن أي أعطال أو مشكلة تصيب القطاع سيتأثر هذه القطاع بدرجة كبيرة، بينما قطاعات أخرى لم تتأثر.
سألت الشيخ محمد عن قطاع المعارض، فقال: أجرينا مراجعة لهذا الدعم، ووجدنا أننا نحتاج لدعم العارضين من المواطنين، خاصة أن هناك مجموعة من المواطنات يذهبن لدول الخليج ويعرضن منتجاتهن ويحققن عوائد مالية كبيرة، لذلك لم نوقف الدعم لهن، ولكن أوقفنا دعم متعهدي المعارض.
قلت للشيخ وصلتني شكوى من مجموعة فتيات حول طريقة التعامل معهن في «تمكين»، فقال: وبعد المراجعات وبعد التقديم الإلكتروني أصبح هذا الأمر غير ممكن، التقديم الإلكتروني قضى على هذه الأمور وهي من ضمن ما تحقق بعد المراجعات التي جرت لإجراءاتنا.
ربما من أهم ما قاله الرئيس التنفيذي؛ أن برامج ودعم «تمكين» موجه للجميع، لكل المواطنين، وعلى من لديه مشروع خاص أن يلبي الاشتراطات المطلوبة وأن يستفيد من البرامج، فهي ليست حصراً على أحد.
كلام الرئيس التنفيذي لكل المواطنين، غير أني وجدت من بين الكلام ما يشبه العتب على بعض المواطنين الذين لا يتقدمون للاستفادة من الخدمات والبرامج، الرجل لم يقل ذلك، لكني استشفيت هذا من كلماته، لا أريد أن أقول شيئاً نيابة عنه، لكني أنقل ما أحسسته من كلامه للناس. شخصياً أقول للمواطنين الذين لديهم توجسات أو أن بعضهم يظن بأنه لو تقدم لبرامج «تمكين» فإن طلبه لن يقبل أو سيعاني من التمييز، أقول لهؤلاء اتركوا التوجسات وتقدموا واستفيدوا مثل غيركم من خدمات وبرامج تمكين.
الذي لا يطرق الأبواب ويبحث عن الرزق، سيبقى أبد الدهر في مكانه، ابحثوا وفتشوا واستفيدوا، لا تجلسوا وتبكوا على اللبن المسكوب، بإمكانكم الاستفادة من اللبن الذي لم يسكب وهو كثير.
الحوار مع الشيخ محمد بن عيسى الرئيس التنفيذي لتمكين كان طيباً، وكان مستمعاً لكل ما نطرحه بشفافية، حاولنا أن نوصل ما لدينا، وقام بدوره بإيصال ما لديه من معلومات وحقائق، كل هذا الحوار وبتفاصيله سينشر على صفحات «الوطن» قريباً، فترقبوا هذا الحوار.
** رسالة إلى أهل البحرين
أوجه رسالة صريحة للمواطنين، ادخلوا على موقع تمكين، أو اذهبوا إلى فروعهم واسألوا عن البرامج التي يمكن الاستفادة منها، تقدموا بطلباتكم، لا تقفوا عند حد التفرج أو الاستماع للآخرين، فبرامج تمكين للجميع، وكل مواطن يستطيع الاستفادة منها حتى موظفي القطاع العام، لذلك لا ينبغي أن نتقوقع أو نتفرج أو نلقي آذاننا للسمع دون أن نتعرف على الحقيقة.
الشيخ محمد بن عيسى قال: «لا أقبل ولا أرضى بالتمييز ضد أي مواطن، ومن لديه شكوى فليتقدم إلينا».
** رسالة إلى المرور والأشغال
أمس، وفي الظهيرة وعلى شارع الحد الخارجي المتجه من جسر الشيخ خليفة جنوباً لأمواج شمالاً، وقع أمامي حادث مروري، هذه النوعية من الحوادث ظهرت بعد إقرار قانون المرور، وقد كتبت عن هذه الحوادث قبل ذلك لكن لا حياة لمن تنادي.
الحادث وقع بسبب خوف السائقين من تخطي الإشارة الحمراء، والإشارات تتحول فجأة للون الأحمر فيتوقف السائق فجأة، فيصطدم به من بالخلف.
أريد من إدارة المرور أن تعطينا إحصائية واقعية عن هذه النوعية من الحوادث بعد إقرار القانون، هل لكم أن تقولوا للناس أنتم ووزارة الأشغال كم حادثاً وقع بذات الطريقة كون «الأشغال» مسؤولة عن الإشارات الضوئية مع المرور؟
الأشغال قالت ستطبق طريقة إضاءة اللون الأخضر متقطع قبل التحول للبرتقالي، لكن هذا لم يحدث ولم يطبق.
حوادث الوقوف المفاجئ عند الإشارات تزداد، وحوادث الوفاة تزداد، وقانون المرور مازال من غير أداة تنفيذية، بمعنى أن القانون صدر لكن لا يمكن تطبيقه في نواحٍ كثيرة بسبب نقص الكوادر والأجهزة والدوريات «وكأنك يا بوزيد ما غزيت»!