طرحنا في مقالة الأسبوع الماضي قضية تدخين الفتيات للشيشة، ومن باب التوازن في الطرح والرد على التعقيبات، التي نشكر الجميع عليها ونحترمها ونقدرها، سواء اتفقت أو عارضت ما تضمنه المقال؛ إذ إننا سنتناول بعضها هنا للتعقيب عليها ولدعم بعض نقاط المقال السابق وكشف الضوء أكثر عن هذه الظاهرة، لعل الملاحظات الواردة تصل إلى الجهات المعنية سواء في وزارة الصحة أو وزارة التجارة والصناعة أو مجلس النواب أو الجهات ذات العلاقة.
الملاحظ أن مختلف التعقيبات عن مقال التدخين، الذي نشكر حساب بوابة البحرين على الإنستقرام على دعمه للموضوع، تراوحت على مستويات مختلفة من التأييد أو المعارضة، وما بين 4 توجهات؛ توجه يرى أنها حرية شخصية ويعارض أن تكون هناك ضوابط، وتوجه آخر يرى أن الموضوع أثناء تداوله يجب ألا يشمل المرأة فقط؛ إنما الرجل أيضاً، وتوجه ثالث يرى أنها حرية شخصية لكن يجب ألا تمارسها الفتاة بشكل علني، وتوجه أخير يرى لكونها تتقاطع مع العادات والتقاليد وأخلاق المجتمع؛ فيجب عدم السماح للبنات بتدخين الشيشة في المقاهي وإيجاد قوانين تمنعهن.
كما اختلفت الآراء حول تحديد كفة المسؤولية تجاه هذه الظاهرة، فهناك من حمل المسؤولية لأولياء الأمور وأخذها على بعد تربوي، وهناك من استنكر المشاهد الحاصلة في بعض المقاهي وحملها على محمل الأخلاق والعادات والتقاليد، وهناك من حمل المسؤولية في كفة الدولة وأخذها على بعد قانوني عن طريق سماحها بافتتاح مثل هذه المقاهي المختلطة، والتي تحوي غرفاً خاصة للشيشة، لذا فالاستنكار لا يجدي طالما القانون يمنح هذه الحرية للمرأة، وهناك من حملها على بعد تجاري وأن تدخين الشيشة في المقاهي خاصة المختلطة أصبح تجارة مربحة، وهناك من حملها على بعد صحي وإنه كما المرأة عندما تدخن توجد الأضرار لها ولأطفالها كذلك الرجل المدخن يوجد الضرر لزوجته وأطفاله.
تعليق لقارئة يكشف جانباً أكدنا عليه في المقال الماضي، بأهمية إيجاد ضوابط لهذه الظاهرة ورقابة حتى لا نرى الأطفال يدخنون؛ وقالت «نشوف أن الأمهات أو الآباء ياخذون عيالهم الصغار ويخلونهم يجربون الشيشة!»، كما أكد القارئ بدر البنعلي «الشرهة على الأهل والقهر عندما ترى رجلاً وزوجته يدخنون ومعهم أطفالهم، ما ذنب الأطفال؟ لابد من إيجاد عقوبات على إدخال الأطفال إلى المقاهي!».
هناك طبعاً جملة من التعليقات التي أكدت أنها حرية شخصية، والتساؤل عن أسباب تداول المقال لسلوكيات الفتيات فقط، وهناك من دافعت عن المدخنات باعتبار أنه ليس هناك علاقة بين أخلاق البنت والشيشة، ويجب ألا تكون هناك تفرقة بين البنات والشباب، فيما أكد آخر أنه طالما البنت تدخن فهي فقدت أنوثتها، كما جاءت مطالبات بأهمية إعادة النظر حول السن المسموح له للتدخين سواء للبنات أو الرجال الذين أصبحوا يقضون ساعات في المقاهي.
وإذ نؤكد أن طرحنا للموضوع تناول بعدين؛ بعد صحي، كون كثير من الدراسات أكدت أن أضرار التدخين على الفتاة أشد من الرجل، خاصة الحامل أو من لديها أطفال، وبعد أخلاقي وثقافي، كون هذه الظاهرة لم تكن موجودة قبل سنوات عند الفتيات خاصة، والتي أخذت تؤكد الحاجة إلى ضرورة إعادة النظر في القوانين والسن المسموح به للتدخين وإيجاد ضوابط في المقاهي المختلطة.
أما السؤال الذي طرح كثيراً عن أسباب التركيز على الشيشة فقط لا عادات وسلوكيات أخرى للفتيات، فإننا وإذ كنا قد تناولنا هذه الظواهر في مقالات سابقة نؤكد على أهمية أن يخصص الكاتب في مقالاته «أحياناً» قضايا يركز فيها بدلاً من عموميات السلوك حتى يستطيع أن يستطرد عن أبعادها.
من الملاحظات المهمة التي وردتنا؛ القارئ «بوهشام السعد» يتواجد مقهى بمنطقة (..) تتجمع فيه الـ «بويات»، وهو مخصص للبنات في عمر الزهور، راجياً أن تتم مراقبة المقهى من قبل الجهات المعنية، فمن غير المعقول أن يفتتح «بزنس» على حساب خراب بناتنا، وتعليق بسيط منا؛ هذا الكلام يؤكد جملة اتجاهنا بضرورة إيجاد ضوابط حتى لا نرى في المستقبل تكاثر المقاهي الخاصة للبنات التي تستغل لأمور أخرى.
القارئ بوعبود علق: «مثل ما يقولون تؤذن في خرابة، ولكون القانون لا يمنع البنت من التدخين لذا لا أحد يستطيع أن يمس لهم طرفاً، واستغرب أين دور الأهل من الموضوع وهذه حرية المرأة التي تريدون منحها لها وبعد كم سنة بتسوي الغرائب، وهناك قهاوي تقدم الشيشة لمن هم تحت السن القانوني». هناك قارئ قال «المضحك أنه بات هناك قسم خاص للنساء لكن لايزال البنات يدخنون في قسم الرجال».
وهناك قارئة علقت بتعليق يكشف أن هذه الظاهرة بالفعل تحولت لموضة عند البنات حينما قالت: «الشاطرة اليوم هي من تصور نفسها وهي تدخن وتضع صورها على الإنستقرام»، أما القارئة شيخة تقول: «أول ما تجلسين يسألونك تدخنين شيشة أو لا، وتكون طريق المواضيع غير إذا نعم وإذا كنتي (لا) يعني ما منج فايدة».
ولكوننا دعينا إلى أهمية إيجاد ضوابط ورقابة على سن التدخين، فالقارئة سارة الحمادي أكدت هذا الاتجاه «مشكلتنا كل موضوع نقلبه مطنزة لابد من التشديد والتأكد من عمر المدخنات من خلال البطاقة السكانية، كم مرة أرى مراهقات يدخنون، فالمقاهي تهمهم الربيحة لا القانون!».
قارئ قال «هالأيام أرى اليهال زايدين في القهاوي، وخاصة هروبهم من المدرسة صباحاً والتردد على المقاهي!».
ومن بين كل الآراء المتعددة والمختلفة الاتجاهات نعود لنؤكد أن هذه الظاهرة الجديدة على المجتمع البحريني تحتاج لإعادة نظر وإيجاد ترمومتر ضبط عليها حتى يكون هناك توازن ولا تختلط مفاهيم الحرية الشخصية بسلوكيات تؤثر على المجتمع وأفراده.