يؤكد بعض النواب أن عدد العمالة السائبة «فري فيزا» في البحرين بلغت نحو 24 ألف عامل، بينما هنالك من يؤكد منهم أيضاً؛ أن عدد العمالة السائبة تجاوز الرقم المذكور بمراحل ليصل لنحو 53 ألف عامل، هذا التفاوت الكبير بين الرقمين يؤكد لنا من جديد مدى جهلنا بحقيقة هذا الأمر وبخطورته من جهة أخرى، فالأرقام المشوشة والمتفاوتة وغير الواضحة تبين مدى ما وصل إليه هذا الملف الوطني من غموض في الطرح والحل. عادة ما تكون الهجرة غير الشرعية في دول لا يمكن بحال من الأحوال ضبط حدودها ومياهها وأراضيها، أما في البحرين فمن الصعب جداً أن تتحقق الهجرة غير الشرعية، فكل منافذ الوطن هي جهات محكمة وغير قابلة للاختراق، ولهذا سيظل دخول عشرات الآلاف من العمالة السائبة وغير الشرعية إلى البحرين مرهون بمدى تغلغل بعض المتنفذين في تمرير مشاريعهم عبر جهات رسمية بكل تأكيد، وذلك عبر استخراج تأشيرات غير قانونية أو في أسوء الأحوال تكون عبر تحايلات على القانون. إذا كنا نبحث عن حل جذري لمسألة خطورة العمالة السائبة في هذا الوطن، يجب أن تتكاتف الجهود وأن تصدق النوايا من كل الجهات للقضاء على هذه الظاهرة التي باتت تنهش في جسد البحرين وفي مستقبله ومستقبل أبنائه، كما بات من الضروري عدم التهاون مع كل من يحاول أن يتاجر بالبشر لتحقيق أطماعه ولو على حساب سمعة الوطن واستقراره وأمنه. قلنا بالأمس إن الكرة اليوم أصبحت في ملعب السلطة التشريعية، وبالفعل فقد «قرر مجلس النواب في جلسته الأخيرة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ظاهرة العمالة السائبة (الفيري فيزا) والمشاكل الناجمة عنها والأسباب التي أدت إليها، وقد ارتأى المجلس إحالة الموضوع إلى هيئة المكتب لوضع مقترح تشكيل أعضاء اللجنة والتصويت على أسماء أعضاء اللجنة في جلسة المجلس الأسبوع القادم. وكان مجلس النواب قد ناقش في جلسته الثلاثاء الماضي موضوع استيضاح سياسة الحكومة حول معالجة مشكلة العمالة السائبة في مملكة البحرين، حيث أكد معظم النواب أن مشكلة العمالة السائبة أضحت كبيرة، وباتت تلحق ضرراً بالاقتصاد الوطني والبنية الاجتماعية في المملكة، إذ تجلب أعداداً كبيرة من العمالة ويتركون في الشارع، دون وجود تنظيم أو رقابة على وجودهم أو أعمالهم، ما يؤدي ذلك إلى ممارسات تؤثر على أصحاب العمل، كما إن الآلاف من العمالة السائبة دفعتهم الحاجة للقدوم إلى المملكة، بهدف العمل وكسب حياة أفضل، إلا أنهم يقعون ضحية تجار البشر، ممن يستغلون ضعفهم وحاجتهم للمال، وأن أكثر من جهة لها يد في دخول العمالة إلى البلاد، وعدة جهات مسؤولة عن حل المشكلة، فيما تقف السفارات عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لمعاناة مواطنيها». أصبحت الصورة الآن واضحة جداً جداً للسلطتين التنفيذية والتشريعية، وكل منهما يدرك خطورة هذا الملف، ومدى أهمية معالجته على وجه السرعة، ونحن اليوم بانتظار ما تتمخض عنه لجان المجلس في هذا الشأن، والتي لا نأمل بأي حال من الأحوال أن يكون المخاض فأراً لا قيمة له في مقابل ملف بحجم جبل، فالبحرين أمانة.