يلقي عبدالملك بدر الدين الحوثي كلمة؛ فضائية «العالم» الإيرانية تعمد إلى نقلها كاملة على الهواء مباشرة بغض النظر عن طولها ثم تلخصها وتعيد بث أجزاء منها في نشراتها الإخبارية، وتخصص بعض برامجها لتحليل ما جاء فيها.
في الكلمة يقول الحوثي إن حركته ستسعى لبدائل في حال انقطع الدعم الاقتصادي السعودي، في إشارة واضحة إلى إيران، وقال إن اليمن سينفتح اقتصادياً على الدول التي تشعره بكرامته. بعد الخطاب مباشرة يتم توقيع مذكرة تفاهم بين هيئتي الطيران المدني اليمنية والإيرانية لتسيير رحلات الطيران المدني بين صنعاء وطهران بواقع 14 رحلة أسبوعياً، أي رحلتين في اليوم، وبعدها بـ24 ساعة تحط أول طائرة إيرانية في مطار صنعاء تحمل مساعدات طبية كهدية من الهلال الأحمر الإيراني، حيث دشنت «طيران ماهن أير» الإيرانية أولى رحلاتها من طهران إلى صنعاء.
«شسالفة»؟ هكذا سأل الجميع الذي صار يبحث عن السر وراء هذا الاتفاق السريع والتعاون الفوري بين إيران واليمن، حيث الخطوات تبين أن العملية كانت مبرمجة وجاهزة وأن الطرفين كانا ينتظران فقط اللحظة المناسبة للإعلان عنها.
معاون السفارة الإيرانية بصنعاء سيد عابدين أوضح أن تدشين خطوط الرحلات سيسهم في تعزيز التعاون والنشاط الاقتصادي والسياحي بين البلدين، وأن هذا الخط الجوي «سيمكن الحكومة الإيرانية من تقديم المساعدات للشعب اليمني بكل سهولة ويسر خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة»، وهو تصريح يفهمه السياسيون على أن المقصود منه هو أن الباب قد انفتح وأن كل العوائق التي كانت تحول بين إيران وصنعاء قد أزيلت.
المتابعون لهذه التطورات المثيرة قالوا إن ما يحدث يؤكد عمالة الحوثيين وتبعيتهم لإيران، وإن «الإيرانيين لن يكونوا مضطرين بعد الآن إلى تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، كما كان في السابق، فالطيران أصبح يصل إلى صنعاء بمعدل رحلتين يومياً والمطارات تحت سيطرة الحوثيين وكذا الموانئ على البحر الأحمر»، وإن الإيرانيين «لن يكونوا مضطرين إلى إرسال عملاء مخابراتهم إلى اليمن متخفين بجنسيات أخرى وعبر دول أخرى وإنما سيصلون إلى صنعاء مباشرة دون رقابة تذكر».
الإيرانيون لم يكتفوا بهذا وإنما استقبلوا وفداً اقتصادياً حوثياً «لبحث آفاق تعزيز التعاون المستقبلي بين البلدين «الشقيقين» في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المجالات»، بينما نقلت وكالة الأنباء اليمنية عن رئيس الوفد قوله إن «هذه الزيارة تأتي في إطار ترجمة ما جاء في خطاب السيد عبدالملك الحوثي الذي تحدث عن إمكانية فتح آفاق جديدة للعلاقات مع الدول التي تحترم إرادة الشعب اليمني وسيادة أراضيه»، وإن «عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين أمر طبيعي ويصب في مصلحة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين».
أرشيف العلاقة الإيرانية اليمنية يبين أنها مرت بحالة فتور ثم توتر عقب اكتشاف حالات تجسس إيرانية وعمليات تهريب أسلحة إلى الحوثيين عبر البحر واستخدام المراكز الطبية الإيرانية في أنشطة استخباراتية قبل أن تقدم السلطات اليمنية على إغلاق المستشفى الإيراني بصنعاء والمركز الطبي وتتأثر العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، كما نشرت الصحف ووسائل الإعلام.
ما هو واضح اليوم أن الدعم الإيراني المتواصل أوصل إيران إلى أن تضع يدها على صنعاء وتديرها بـ»الريموت كنترول». اليوم صنعاء عاصمة محتلة، كما قال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وهي للأسف كذلك خصوصاً بعدما تمكنت إيران من مفصل الاقتصاد وعجلت بتنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها في نفس اليوم امتثالاً لمبدأ «اطرق الحديد وهو ساخن» ليكون لها موطئ قدم يصعب زحزحته في الظروف الراهنة، وهو ما يعني أن تغيرات كثيرة محتملة ستشهدها المنطقة وستؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة التوتر في العلاقة بين إيران ودول مجلس التعاون كافة.