لا أعتقد أن أحداً من المسؤولين لم يشاهد المناظر التي يشاهدها أهل البحرين أيام الجمعة والسبت في مناطق مثل المنامة والمحرق، حيث يتجع فيها الآسيويين بأعداد كبيرة، حتى أنك وأنت تشاهد هذا المنظر تقول في نفسك (كل هؤلاء عمالة موجودة بالبحرين)، بل تقول في نفسك أيضاً؛ لماذا لو خرج هؤلاء في مظاهرة؟
هذه المناظر مزعجة لأهل البحرين، رغم أننا كشعب نرحب بالزائر والعامل الأجنبي، غير أن كل ذلك لا ينبغي أن يتخطى الحدود، وأن تصبح أعداد المتجمعين وكأنها مظاهرة جماهيرية في عاصمة آسيوية.
خرجت إلى السطح مؤخراً قضية العمالة السائبة أو ما يسمى بالاتجار بالبشر، أو ما يسميه أهل البحرين «الفري فيزا»؛ فهذه القضية لم تنته يوما ولم تعالج يوماً معالجة صحيحة، إلا أنها خرجت إلى السطح مؤخراً وبقوة.
قرأت أن مجلس النواب سيطرح هذه القضية هذا الأسبوع، وأعتقد جازماً أن هناك مسؤولية كبيرة على النواب في الرقابة والمحاسبة في قضية تشكل أزمة مؤرقة لأهل البحرين، حتى أصبحت أعداد العمالة السائبة مخيفة جداً.
الأخ أسامة العبسي صرح في أغسطس 2014 أن أعداد العاملة السائبة تقدر بـ 50 ألفاً، بينما نشرت الصحافة أرقاماً أخرى قدرت عددها بـ 80 ألفاً.
بين هذا وذاك أقول وبرأي شخصي إن أعداد العمالة السائبة أكبر من الـ 50 والـ 80 ألفاً حسب ما نشاهد ونرى بأم أعيننا.
موضوع العاملة السائبة خرج من وزارة الداخلية وأصبح بيد هيئة تنظيم سوق العمل، وأعتقد أن لا الداخلية نجحت ولا هيئة سوق العمل نجحت، نحن مازلنا في عمق المشكلة.
هذه القضية خطيرة ولم تقم الدولة بمعالجتها المعالجة الحقيقية، بمعنى إن لم تكن هناك نية حقيقية لمعالجة هذا الملف والدولة نفسها تعلم من يأتي بهذه العمالة ومن يتركها تعمل بهذا الشكل، ومن هم المستفيدين منها.
تحدثت مع شخص له علاقة بالتجارة فقال؛ هناك سجلات تجارية تفتح، وربما تكون وهمية، ويقوم أصحابها بجلب أعداد (حسب ترخيص السجل) ويتركهم في البحرين على أن يتقاضى منهم مبلغ يقدر بـ 300 دينار شهرياً، وهناك من يفرض أكثر من هذا الرقم، وبهذه الحسبة فإن من أطلق العمالة السائبة سيدر دخلاً بمبالغ كبيرة دون سجلات ودون ضرائب ودون أن يدفع شيئاً.
أما أخطر ما في قضية العمالة السائبة، فهو ما حدث لمواطن لديه عامل هارب، فأخذ المواطن يبحث عنه حتى عرف أنه يسكن إحدى القرى، المواطن قام بإبلاغ المفتشين بهيئة تنظيم سوق العمل عن هذا العامل، وأنه متواجد في بيت تسكنه أعداد كبيرة من العمال في تلك القرية.
لكن المفاجأة جاءت أن المفتش قال للمواطن نحن لا نستطيع أن نذهب إلى تلك القرية، وهذا الأمر يحتاج لتنسيق مع الأمن لتوفير قوة أمنية..!
أعرض رواية المواطن وهو موجود. في المحصلة وباختصار فإن هناك قرى تتجمع فيها العمالة الهاربة والسائبة، ذلك أنهم يعرفون أن القانون لن يطالهم في تلك القرى!
وإن كانت هذه المعلومات صحيحة (وصاحب القضية موجود) فإن هذه مصيبة وكارثة حقيقية أن تخرج مناطق عن سلطة القانون، ويصبح العامل الآسيوي على معرفة بهذا الأمر، فيقرر الهرب والسكن في تلك المناطق حتى يقرر هو مغادرة البحرين..!
في نقطة أخرى؛ هناك أيضاً من طرح موضوع فتح محلات دون ترخيص أو سجلات في بعض القرى، ولا أحد يراقب أو يحاسب، وهذه مصيبة أخرى.
رئيس هيئة تنظيم سوق العمل قال إن لدى الهيئة 72 مفتشاً يقومون بحملات طوال العام، غير أن السؤال هنا لرئيس الهيئة (حتى مع تبرئة المحكمة لأحد العاملين في الهيئة) هل كل هؤلاء المفتشين يمارسون عملهم بأمانة؟
هل هناك مفتشون يتقصدون تسليط العقوبات والرقابة على محلات دون أخرى على خلفيات نوازع معينة لدى بعضهم؟
كلها أمور مؤرقة وتساهم في عدم محاربة العمالة السائبة بشكل صارم وصحيح وقانوني، من أجل ذلك فإن موضوع العمالة السائبة في تقديري لن يحل أبداً؛ فقط بين فترة وأخرى تحدث موجة بسبب طرح الصحافة للقضية وبعدها تعود الأمور لما كانت وربما أسوأ.
أخطر ما في الموضوع أن تخرج مناطق عن سلطة القانون وتصبح مرتعاً ومكاناً آمناً للعمالة الآسيوية الهاربة والسائبة، وهذا يحدث في بلد صغير وليس في بلد مترامي الأطراف، وهذا يؤكد ما طرحناه سابقاً أن هناك مناطق مغلقة تحتاج إلى معالجة وفتحها وإخضاع لسلطة الدولة القانون.
** رذاذ
موضوع التصوير الذي خرج من أحد السجون لمحكوم بالإعدام يظهر بأن هناك أمور كثيرة تحتاج إلى تصحيح من أساسها داخل هذه السجون.
كيف تدخل الهواتف إلى سجوننا (الخمس نجوم)..؟
أليس هناك كاميرات مثبتة؟ كيف لا يُعرف من يقوم بالتواطؤ وتهريب الممنوعات لداخل السجن؟
السؤال الأخطر هنا؛ إذا كان هناك هروب سجناء وتهريب إلى داخل السجن، فماذا يعني هذا الأمر؟
تهريب للداخل وهروب للخارج، ونحن نتحدث عن سجن ومكان للعقاب.
أعتقد أن وزارة الداخلية تحتاج لتنظيف السجون ممن يعقدون صفقات مع السجناء، تعطينا هكذا مبلغ، ندخل لك ما تريد..!
أحد الإخوة أخبرني أن سعر السيجارة الواحدة داخل السجن يبلغ 20 دينار..!!
فكم هو الربح في علبة سجائر واحدة؟
على وزارة الداخلية أن تصحح أوضاع السجون، وأن تقطع أيادي ليست نظيفة في السجون، وأن تنزل عليهم عقاباً شديداً، وأن تسحب جنسياتهم إن كانوا ممن اكتسب الجنسية.
فضيحة سجون البحرين لا تجدها حتى في أمريكا وبريطانيا، لكن هكذا أصبح حالنا؛ تهريب للداخل وهروب إلى الخارج..!