السؤال الذي طرح قبل يومين، وقبل عامين، وقبل 20 عاماً هو: لماذا يقتصر دور القطاع الخاص عندنا على التجارة والاستثمار أو بالأحرى المضاربة في القطاع العقاري، ولماذا لا يتطور هذا الدور نحو الإنتاج بكافة مجالاته الاقتصادية المعروفة وعلى رأسها الصناعة.
لماذا لا يتكفل القطاع الخاص بمسؤولياته في تأسيس الشركات المساهمة وإقامة المشروعات الاقتصادية التي تؤدي إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر وحيد ناضب ومتقلب إنتاجاً وأسعاراً.
لماذا لا يعطى القطاع الخاص المكانة التي يتمكن من خلالها من إدارة الاقتصاد أسوة بالكثير من الدول المتقدمة والنامية التي تخلت حكوماتها عن دورها في تملك وسائل الإنتاج والخدمات والأسواق لصالح القطاع الخاص، ولماذا تعلن الحكومة في كل دورة ميزانية أنها ستقوم بتعزيز دور القطاع الخاص في إدارة الاقتصاد وإقامة التنمية، وأنها ستعتمد عليه في تسيير الخدمات الحكومية، وأنه -أي القطاع الخاص- سيصبح شريكاً للحكومة في اتخاذ القرار الاقتصادي.
ولماذا تعلن إصدار قوانين للتخصيص، ثم قرارات، ثم تشكيل لجان، ثم الإعلان عن القطاعات أو المجالات التي سيجري تخصيصها، ثم ما تلبث الحكومة أن تتحول من اتجاه الخصخصة إلى اتجاه آخر يقوم على منافسة القطاع الخاص في مجالات كثيرة ابتداء من تأسيس الشركات الصناعية والخدمية إلى تملك وتأجير العقارات إلى حيازة الأسهم والمتاجرة فيها.
لماذا يشارك القطاع الخاص في وفود رسمية اقتصادية واستثمارية تجوب الدول الصناعية في أمريكا وفي آسيا ومن ثم لا يعود إلا بالمزيد من مذكرات التفاهم وليس اتفاقات لإقامة صناعات في البحرين مثلاً، والفرق بين المذكرات والاتفاقات شاسع، والنتيجة تبديد الأموال على السفر وجولات ومآدب المجاملات دون طائل، في حين أن القطاع الخاص في الدول الأخرى يقوم بزيارات مماثلة ولكن مثمرة ينجم عنها استقطاب المزيد من الاستثمارات.
وبعبارة أوضح القطاع الخاص البحريني دوره هامشي في كل شيء في إدارة الاقتصاد والمشاركة في اتخاذ القرار الاقتصادي، والمساهمة في التنمية المستدامة وغير المستدامة وفي تنويع مصادر الدخل، وغرفة تجارة وصناعة البحرين الممثلة للقطاع الخاص والمدافعة عن مكانته ودوره هي الأخرى مغلوبة على أمرها مثل مؤسسات المجتمع المدني الأخرى، فلماذا وإلى متى هذا التهميش؟