على خفيف
مشكلة ما يسمى بالعمالة السائبة ليست جديدة، بل إن إهمالها وتلمس الأعذار من قبل الجهات المسؤولة والمعنية بحلها أدى إلى تفاقم هذه المشكلة عاماً بعد عام والإحصائيات تتابع ذلك وتذكره حتى فاق عدد هذه العمالة في العام الماضي 120 ألف شخص يعيش الواحد منهم مخالفاً لقوانين العمل والإقامة، ويعمل أي شيء من أجل كسب أي مبلغ من المال دون اكتراث بالأضرار التي يلحقها بالإنسان والاقتصاد والبيئة في البحرين.
اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء الموقر لمعالجة ظاهرة أو مشكلة العمالة السائبة سبقتها عدة لجان مشابهة تم تشكيلها على مستوى مجلس الوزراء تارة وبتحرك ومبادرات من قبل وزارة العمل ووزارة الداخلية وهيئة تنظيم سوق العمل، ويبدو أن الحماس يفتر والملل يتسرب إلى هذه اللجان ومن ثم يسدل الستار عليها حتى يحدث جديد من تصرفات العمالة السائبة الضارة بالأخلاق أو الصحة أو السلامة فيثير هذا فكرة لجنة العمالة السائبة ويبدأ العمل من جديد من غير أن تتم العودة إلى اللجان السابقة والنتائج التي حققتها ولماذا فشلت كلها تقريباً في بلوغ الهدف الذي من أجله شكلت.
لهذه المشكلة كما تعرف الجهات المسؤولة في الدولة سببان: أولهما هو تنامي التجارة بالبشر عن طريق الحصول على تأشيرات العمل بالجملة من قبل أشخاص إما أصحاب نفوذ أو أصحاب شركات وهمية أسست من أجل استغلال سجلاتها التجارية في المتاجرة بتأشيرات هذه العمالة بمبالغ طائلة تصل إلى 1200 دينار للتأشيرة الواحدة، والسبب الثاني هو قيام المقاولين وأصحاب الأعمال بتسريح عمالتهم وتركها في السوق بعد الانتهاء من مشروعاتهم بدلاً من تحمل كلفة إرجاعهم إلى بلدانهم.
وبالتالي فإن الحل هو بشن حملات جادة ومكثفة كما فعلت السعودية مثلاً لمداهمة الأسواق وأماكن العمل والتجمعات والمساكن الجماعية والقبض عليها للتعرف على اسم الكفيل أولاً وتطبيق القانون على هذا الكفيل ثم تحميله تكاليف ترحيل عمالته إلى بلدانها على أن يتم تنفيذ ذلك وترتيب القبض والتسفير خلال أيام قليلة من أجل تحاشي البحث عن أماكن واسعة للإيواء.
لكن هذا الحل البسيط والسريع قد فشل في المرات السابقة لأسباب يتعلق أحدها -كما يشاع دائماً- بتدخل أصحاب النفوذ لإطلاق سراح عمالتهم أو عدم اتخاذ إجراء بشأنها أصلاً وبالتالي عدم معاقبة الكفلاء، والسبب الآخر -كما قالت هيئة سوق العمل- عدم وجود أماكن واسعة للإيواء قبل الإبعاد وعدم وجود جهة تتكفل بإطعام هؤلاء ومن ثم دفع تكاليف سفرهم!!
ومهما كانت الأسباب فبدء الحملة والإعلان عن نتائجها هو المحك.