في شهر ديسمبر الماضي «2014» تحدثت أجهزة الإعلام المرئية والمكتوبة عندنا كثيراً عن تفوق البحرين على دول عديدة في العالم بالنسبة لمتوسط دخل الفرد، وقالت بهذا الخصوص إن متوسط دخل الفرد البحريني بلغ 25 ألف دولار في السنة «9425 ديناراً» بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد في العالم والبالغ 13 ألف دولار «4901 دينار».
هذا الرقم المفخرة يعني أيضاً أن متوسط دخل الفرد البحريني في اليوم 25.9 دينار وفي الشهر 774.7 دينار، ومع أنه غير معترف به وغير معتمد رسمياً، فإنه من باب المقارنة -وليس التفاخر- فهو قريب جداً من المبلغ الذي حدد كسقف لدخل الفرد الذي يمكنه الحصول على علاوة الدعم المالي أو علاوة الغلاء في بداية إقرارها، ويومها قيل إن مبلغ 700 دينار يمكن اعتباره بمثابة خط الفقر بدليل أن الذين يستحقون الدعم المالي هم الذين يصل دخلهم إلى 700 دينار أو أقل.
الجانب الآخر أن متوسط دخل الفرد هذا يساوي ضعف معدل أجور البحرينيين في القطاع الخاص (350 ديناراً تقريباً) وأكثر قليلاً من معدل الأجور في القطاع العام (625 ديناراً) وبما أن العاملين البحرينيين في القطاعين الخاص والعام بحرينيون ويتمتعون جميعاً بحق تكافؤ الفرص والامتيازات فمن الواجب أن تعمل السلطتان التشريعية والتنفيذية على تساوي متوسط الأجور في القطاعين، والكف عن المطالبة بزيادات لرواتب العاملين في القطاع العام وتجاهل العاملين البحرينيين في القطاع الخاص.
الكثير من الدول تضع حداً أدنى للأجور ينطبق على جميع العاملين في الدولة سواء كانوا في القطاع الخاص أو العام أو من الذين يعملون لحسابهم الخاص، وهذه الدول تقوم أيضاً بجعل الحد الأدنى للأجور مقارباً لمتوسط دخل الفرد في الدولة، وأحياناً متطابقاً معه ومتحركاً في صعوده وانخفاضه.
وبالنسبة لنا في البحرين، وبحسب المقارنات السابقة فإننا بحاجة إلى تحويل المفاخرة بمتوسط دخل الفرد إلى أرض الواقع وجعلها حقيقة ملموسة ومعمولاً بها وذلك باعتماد هذا المتوسط (774.7 دينار) كحد أدنى للأجر الشهري للبحريني، وجعله قابلاً للتغيير صعوداً وهبوطاً طبقاً لآلية تطور التضخم المالي وزيادة أسعار السلع والخدمات، وتحقيق العدالة الاجتماعية (عدالة توزيع الدخل) ومستوى معيشي معقول.
فالحد الأدنى للأجور بهذا المستوى والمفهوم سيدفع جميع البحرينيين إلى الإقبال على العمل، ويشكل مفتاح البحرنة في كافة القطاعات والدواء الناجع للقضاء على البطالة في البلاد، ومفخرة حقيقية وواقعية.