دائماً الأخذ بالأسباب من سمات العاقل والفطين، والعاقل من يحكـم عقله وينظر فيما مضى من الضر والنفع، فيحترس حتى لا يتفاقم الضر ويتحول إلى مشكلة يصعــب حلها، فلا يجنـي علــى غيــره ومــن ثم نفسه، ولا سيما من لا يرضي بالأذى للآخريــن، فالعقـل لصاحبــه كالعين للبصير.
قصــارى القــول إن محاولــة فــرض أجنــدة خارجية تـرزح تحـت وطــأة تركيبة مذهبية واستلهـاب مشاعــر بعض ضعاف النفوس واللعب على وتــر الطائفية، واستغلال المنابــر الدينية، وتكريــس سياســة ضــرب دولـة القانــون بعـــرض الحائـــط، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع بقوة سلاح الميليشيات؛ أمــر بــات مستهلكـاً ولا يفيد وعلى الوفــاق رفع راية الاستسلام بعد الضربات القاسمة المتتالية من كل حدب وصوب، والقبول بالواقع.
ولا تلومــن أحداً إلا نفسك، فالوضع الذي وصلتم إليه كجمعية سياسية (في طريقها إلى الزوال) هو نتيجــة حتمية، صنعتموه أنتم بأنفسكم وأيديكـــم، فــلا يمنعنكـــم الجهــل وقصر النظر من الإقرار والاعتراف أن زمن التهديد والاستقواء بالخارج كفزاعات انتهى..
أوراق اللعبــــة القديمــــة تغيـــرت، والبحرين أيضاً -ووفق معطيات الورق الجديدة- قد تغيرت، ولكن الجماعة التي لا تزال تحبس نفسها داخل قفص الخيال القديم وحلم جمهورية ولاية الفقيه لا تريد أبداً أن تخرج من داخل القفص وتصديق الواقع، وذلك إما لأنهم يتعمدون إظهار عدم فهم الواقع الجديد (وتلك مصيبة) أو لأنهم لا يملكون القرار وينتظرون أن تأتي الأوامر من الخارج (وتلك مصيبة أعظم)!!
سأكرر عليكم سؤالاً طرحته بإلحاح أكثـــر من مرة وعلى مدى أربـــع سنوات، لكني إلى الآن لم أتلق منكم جواباً؛ من أنتم؟ هل أنتم قوة سياسية؟
مجــرد، جمعية، عدد منتسبيهــا لا يزيد عن 1808 أعضاء (وفق سجلات الجمعية العمومية التي حضرت الانتخابات الأخيرة)، وحتى إذا سلمنا بأنكم قوة سياسية -كما تدعون- فهل القوة السياسية تعبث وتعيث فى حياة الوطن والمواطنين بالإرهـــاب والتخريـــــب والحـــــرق والتدمير، وإشعال فتنة طائفية، وفرض أولويات وأجندات خارجية على البلد، والابتزاز، والشتم وتوزيع التهم وقلة الأدب مع المخالفين لها؟ أفيدونا أفادكم الله..
طـــوال الأربع سنوات لم نر لهـــذه القوى التى تسمي نفسها (سياسية) دوراً وطنياً أو محاولة احتواء للشارع ولملمة شمل إخوة الوطن الذي تسببتم بتفريقهم في 14 فبراير 2011!!
طبعـــاً من قبيل التكرار القـــول إن 14 فبراير والتي نعيش فيها ذكرى الميثاق العطرة والمخلدة هذه الأيام، ليــس لها علاقة بثورات الربيع العربي، فما حدث هناك نقرة وما حدث هنا نقرة أخرى، باختصار وبشكل موجز وبسيط؛ ما حدث في البحرين محاولة لاحتلال وطن وشعب من قبل جماعة الوفاق المحسوبة علـــى ولي الفقيه، بحيث أضحــى الوطن كله تحت رحمة جمعية لا تحترم القانون ومتوحشة ومنفلتة تمامـــاً من أية أصول أو أعــراف أو قيود، وكانت البحرين وبفضلهم قاب قوسين وأدنى أن تسقط في أحضان إيران، ولكن الله لطف.
المشكلة الأفدح هي أن هذه الجمعية والتــي تسمي نفسها بـ (القـــوة السياسية) لا تتواضع وتتكلم في حدود حجمها وقدراتها الطبيعية، بل هي منتفخة أوهاماً تعطلها عن فهم الواقع واستيعاب الحقيقة، مما يجعل قدرتها على تصحيح أخطائها محدودة بل ومعدومة، وهو مــا يدفعها إلى الانتحار؛ ولكن حذار..
الوفــاق باتت اليوم لا تملك شيئــاً تبكــي عليــه، وهي تحــاول اليـــوم وبكل الطرق وعبر كل الوسائل، وقبل أن تموت وتؤول إلى الزوال وتندفن وتغادر دنيانا إلى الأبد، أن تضيف إلى سجلها المتضخم المزيد والمزيـــد مــن العربــدة، وتغذيــة الإرهاب، والتحريض حتى آخر نفس وتهييج الشارع وتثويره، في محاولة منها لإعاقة استكمال مشروعنا الإصلاحي وهدم نموذج الوحدة الوطنيــــة والتسامـــح والتعايـــش السلمي.
هل رأيت ثمار الحقد والتشوه الروحى والأخلاقي؟!
فكونوا على حذر..