كم كان ذلك اليوم عظيماً..
كم كان ذلك اليوم رهيباً ومزلزلاً وقاصماً للظهر..
كم كان ذلك الصوت الهادر مدوياً.. ومرجفاً ومخيفاً..
كم كانت تلك الأعداد العظيمة مخيفة لمن ظنوا أن صوتهم هو الأعلى.. حتى جاءهم صوت جماهير الفاتح في ساحة الفاتح وجعلهم يعرفون حجمهم الحقيقي، ونسبتهم الحقيقية!!
كانت هذه الذكرى الكبيرة قد حلت يوم أمس وهو تاريخ 21 فبراير، يوم العزة والكرامة، ويوم خروج أهل البحرين بكل أطيافهم لساحة الفاتح ليعلنوا أمام العالم في ساعة تدحرج كرة الثلج عربياً، أن من خرج في الفاتح هم أهل البحرين، وشعب البحرين، وهم رمانة الميزان؛ أصل البلد، وهم من يصنعون التاريخ.
حين خرج الانقلابيون في 14 فبراير 2011، ظنوا أن ساعتهم قد حانت، وأن هذا زمانهم وعصرهم، وأن الأمور ستؤول إليهم، وأن هذا انتصارهم الطائفي، ذلك أن الخروج كان طائفياً..!
ذكرى 21 فبراير كانت ذكرى صوت أهل البحرين وإرادتهم، انتصار أهل البحرين على من طعنهم في الظهر وخان وركب السفينة الإيرانية بشراع أمريكي..!
ساعتها كنا نحسب أننا في محنة كبيرة (وكانت كذلك) إلا أنها منحة كبيرة من الله سبحانه، فقد انكشفت المؤامرة واستعجلوا انقلابهم الذي كان محدداً له العام القادم 2016!
لكن الله سلم وحفظ وكشف لنا الوجوه الخائنة العميلة، وجوه إيران، بتدريب أمريكي لتمكينهم من الانقلاب، هذا التدريب الذي كان بترخيص من الدولة.
نحمد الله على نعمته، كانت لنا نعمة كبيرة أن يحدث ما يحدث، وأن تظهر الوجوه على حقيقتها، غير أن المؤلم لنا أن الدولة لم تتعلم.
خرجنا في 2011 حباً لتراب هذه الأرض وشعبها وقيادتها، خرجنا لنقول للعالم «نحن هنا» الشعب الحقيقي، نحن الشعب الذي يجب أن تروه وليس تجمعات الانقلابيين الموالين لإيران.
خرجنا بدافع حب لهذا الوطن، لم تخرجنا فتوى دينية كما أخرجت غيرنا، فالذي يخرج بفتوى دينية يبصم على خروجه الطائفي الانقلابي.
كان تاريخ انقلابهم المحدد في 2016 بحساب متقن، هذا الحساب اعتمد على أمور كثيرة ومعطيات على الأرض، إليكم ما أحصيته:
• التحكم والسيطرة والهيمنة على أكبر وزارتين، التعليم والصحة، إضافة للسيطرة على جامعة البحرين والمراكز الصحية وكلية العلوم الصحية.
• السيطرة والهيمنة على وزارات أخرى هامة؛ الصناعة والتجارة، الاشغال، البلديات (وهي من أخطر الوزارات) والعمل، والعدل، كما أن التغلغل والوصول إلى وزارة المالية والمصرف المركزي ووزارة الخارجية.
• التغلغل في وزارة كبيرة بعد أن كانت هدفهم لاختراقها ساعة الانقلاب، وهي وزارة الداخلية، فكل حديثهم (اتفق الأمريكان مع الصفويين) الوصول إلى وزارة الداخلية، وأخشى أن يحدث ذلك.
• الهيمنة على الأسواق والتجارة، وهي عصب الحياة ويمكن أن تشل الحياة إذا ما حدث بها إضراب، وبالتالي يصبح من يتحكم في العرض والطلب، ومن يتحكم في السلع هي جهة واحدة.
• كانت من الأهداف السيطرة على القطاع المصرفي حتى تصبح الأرضية مهيئة للإضراب أو الشلل في 2016.
• محاولة السيطرة والهيمنة على المطار، كما فعل حزب الشيطان في بيروت، وأخشى أن ذلك حدث ويحدث.
• من خلال وصول الكتلة الانقلابية إلى البرلمان فقد أخذوا يملون على وزراء بعينهم مطالب كثيرة، وقد حدث هذا الأمر في السنوات الماضية في وزارتين هامتين؛ الإسكان والبلديات، وكلها مطالب تعجل بوضع أسس للانقلاب وسيطرة على الدوائر الانتخابية.
• كانت الكتلة الانقلابية تملي على وزارة التربية ما يتعلق بالتوظيف والبعثات، فالبعثات أول ما يفكر فيه الانقلابيون لأنها أداة التمكين والسيطرة والتغلغل من خلال الوصول إلى الوظائف الهامة في الدولة.
• الهيمنة والوصول لشركة نفط البحرين، وهي شريان الحياة والاقتصاد، فإذا حدث شلل أو إضراب فيها ستشل الحياة تماماً، وأخشى أن ذلك يحدث حتى الساعة، فلا يمكن أن يوضع أشخاص ليس لديهم حس وطني في مناصب مسؤولة، خاصة بعد أيام الانقلاب.
• الهيمنة والوصول للشركات الوطنية الكبرى الأخرى وشركات الاتصالات، محاولة اختراق أجهزة ووزارة الإعلام.
كل ذلك حدث ويحدث، وهناك أمور كثيرة لم نوردها هنا، فالانقلاب لم يكن فقط في تجمع تقاطع الفاروق، ذلك كان سبباً أخيراً، غير أن الانقلاب الحقيقي تم باختراق كل أجهزة الدولة.
خروج أهل البحرين في تجمع الفاتح الأول لم يكن من أجل أشخاص أو جمعية، خرجنا من أجل البحرين، وإذا ما استدعى الأمر سنخرج من أجل البحرين أيضاً وليس من أجل جمعية خذلتنا.
شارع الفاتح موجود وتدب فيه الحياة، لا تعنينا جمعية أو أشخاصاً، إنما يعنينا الوطن وأهله وإرادتنا الوطنية التي يجب أن نعبر عنها في أي أزمة يحتاج الوطن فيها إلى صوتنا.
21 فبراير كان قد سبب للانقلابيين الارتباك والهزيمة وأصابهم بالصدمة والترويع، وأخذوا يحاولون تقليل عدد من خرجوا، ومن ثم قالوا إن الدولة أعطت الناس أموالاً من أجل أن يخرجوا، وكل ذلك من جراء الهزيمة والصدمة والخسارة الكبيرة.
أهل البحرين لا يحتاجون للمال للوقوف مع وطنهم وأرضهم وشرعية الحكم، هذا الخروج غيّر موازين الأمور عند الأمريكان والإنجليز والإيرانيين، جميعهم لم يتوقعوا أن يخرج أهل البحرين بهذه الأعداد والجحافل، أطفال وشباب وشيب، كلهم خرجوا عن بكرة أبيهم وهزموا من كان يظن أنه سيخيفهم بالإرهاب وباحتلال الميادين.
انظروا أين وصلتم أيها الانقلابيون؛ أمين عام جمعيتكم في السجن، وذكرى انقلابكم مرت مثل بقية الأيام، فأي هزيمة أنتم فيها اليوم؟
على الدولة اليوم ألا تنسى (بعد أن استقرت الأمور) تصحيح مسارها واستراتيجياتها، وألا تغفل أبداً عن احتلال الدولة والهيمنة عليها من الداخل، وهذا حدث بشكل تدريجي وممنهج، لكن عليكم اليوم تصحيح الأمور بشكل كبير جداً وإلا فإن أرضية الانقلاب موجودة وقائمة ومهيئة لانقلاب آخر..!
** رذاذ
إلى المسؤولين في المرور والداخلية نقول بعد حوادث الوفاة الأخيرة؛ إن تطبيق قانون المرور يحتاج أن يشاهده السائق في الشارع، فبعد الخوف من المخالفات في البداية أصبح البعض يختبر القانون، بمعنى أنه لو خالف قانون الإشارة الحمراء (مثلاً) ولم يحصل ضده إجراء، فهذا يعني أن الأمور كما كانت.
أخشى على قانون المرور أن يصبح مثل قوانين كثيرة (موجودة ومقرة وتم تشريعها) لكنها لا تطبق على الأرض، وأنتم تعرفون ما أعني.