جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 9 فبراير الحالي خلصت إلى قرار أو تصور مفاده قوله «ونظراً لأن الموازنة العامة للدولة هي مصدر تمويل البرامج والمبادرات التي تحقق المحاور والأولويات الاستراتيجية في برنامج عمل الحكومة، فعليه يجب أن يكون الإعداد للموازنة العامة للدولة مستنداً على البرامج التفصيلية للوزارات والجهات الحكومية ومؤشرات الأداء القياسية التي تعنى بمتابعة تنفيذ برنامج عمل الحكومة أولاً بأول».
والصورة التي يرسمها هذا القرار تتمثل في أن الموازنة العامة هي وحدها التي ستمول برامج ومبادرات برنامج الحكومة مع أن الحكومة ذكرت في برنامجها أن الموازنة هي واحدة من مصادر التمويل بالإضافة إلى مصادر أخرى منها التمويل الخليجي الذي لم تفصح الحكومة في برنامجها عن حجمه خلال الأربع سنوات، وكذلك إشارتها إلى مصدر القطاع الخاص الذي سيمول أو يساهم في تمويل برامج ومبادرات غير محددة لا عددها ولا مجالاتها، وبالتي فإن الميزانية العامة ليست هي فقط مصدر التمويل...
قرار مجلس الوزارء أكد في الجزء الثاني منه على أن الإعداد للميزانية مستند على البرامج التفصيلية للوزارات والجهات الحكومية، مما يعني أن الميزانية المنتظرة لن تختلف عن الميزانية السابقة وأنها ستكون ميزانية تمويل لبرامج تفصيلية تحددها وتريدها الوزارات والهيئات الحكومية، ولن تكون ميزانية برامج استراتيجية في الأساس وضعت من قبل لجنة وزارية أو أكثر مثل لجنة إعداد برنامج الحكومة ولجنة الإعمار والبنية التحتية واللجنة الوزارية للشؤون المالية وضبط الإنفاق، ومن ثم تعرض على مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها وإعداد الميزانية بناء عليها.
فالميزانية العامة للدولة والمرتقبة لا بد أن تكون مختلفة عما سبقها من ميزانيات وأن تكون ميزانية برامج وأداء وليست ميزانية إيرادات ومصروفات، ميزانية تقول من خلالها الدولة ماذا تريد أن تحقق في العامين القادمين في إطار المحاور الستة التي اشتمل عليها برنامج الحكومة، وهذه لا تعكسها البرامج التفصيلية للوزارات وإنما البرامج الاستراتيجية التي توضع وتقر على مستوى مجلس الوزراء مع مؤشرات الأداء القياسية الخاصة بها.
اختلاف الميزانية المنتظرة عن سابقاتها يتحقق أيضاً وأولاً في جعلها مفصلة وشفافة في تبيانها للإيرادات العامة، وفي تحديدها وتوزيعها لتكاليف البرامج الاستراتيجية حسب الأهمية.