ميثاق العمل الوطني هو هوية البحرين، هو الإنجاز التاريخي وهو المشروع الإصلاحي والقاعدة الصلبة التي ترتقي بالبحرين الحضارة والتاريخ العريق، بالبحرين المتطلعة دوماً للمدنية والعصرية، للبحرين الباقية على دينها وعروبتها، لدولة المؤسسات والقانون، لبلد يؤمن بحرية الرأي والتعبير، ويقر منذ زمن بعيد بحقوق الإنسان.
فبعد أربعة عشر عاماً من عمر الميثاق؛ أين تقف البحرين اليوم من العالم؟ وهل لامس المجتمع المحلي منجزات الميثاق؟ وكيف وبعد الميثاق، تقيس القوى السياسية والمجتمعية هذه الإصلاحات باختلاف طوائفهم واتجاهاتهم وانتماءاتهم الفكرية؟
ميثاق العمل الوطني تبلور بأسس واضحة ليشق طريق التغيير والتطوير والاستمرار على النهج الذي يوصل البحرين إلى بر الأمان، والتنافس على المراتب الأولى من التقدم في شتى الميادين، فالميثاق ركيزة واضحة ونهج بين، ولا جدال بأن ما جاء بالميثاق هي الغاية المنشودة لضالة المواطن، فلا يمكن تفسير ما جاء في الميثاق حسبما أو كيفما تريد أي طائفة أو حزب أو قوى فكرية أو حتى منظمة دولية، بمعنى «ما تمشي الميثاق على مزاجها».
ميثاق العمل الوطني هو الدعامة الأساسية في حرية الرأي والتعبير، وهذا نلتمسه في إعلامنا المحلي المقروء والمسموع والمرئي، وعبر وسائل الإعلام الجديد، فحرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع، ولكن كيف يرى البعض هذه الحرية التي قدمت لنا في طبق من ذهب؟ هل يراها بمنظوره الفردي أم بمنظور الجماعات والأحزاب؟ أم بمنظور الأيديولوجيات؟ فالبعض يفهم حرية الرأي والتعبير بتشويه اسم بلده أينما كان، والآخر يراها بالتهكم وبالبهتان، والبعض جسد الحرية بالزيف والفبركات، وجماعات أخرى بالاستعانة بدول أجنبية، فمظلتهم جميعاً هي حرية الرأي والتعبير وغايتهم معروفة.
حرية الرأي والتعبير هي النقد البناء، هي المرآة التي تعكس بوضوح ومن غير زيف أو بهتان الحقائق، ولكن الحقيقة الواضحة هي أن البعض مازال لا يعي رؤية الميثاق ولا يعرف طريق الحريات والنهج الديمقراطي، فهم بتخبطهم لفهم جوهر الإصلاحات، إشارة بأن الميثاق أكبر من أن تستوعبه عقولهم الصغيرة، وإلا لكنا اليوم في سباق مع الدول الصناعية. نحن نعيش مع أناس مزيفين، استوعب المجتمع متأخراً بأنهم مزيفون حتى النخاع، وأقوالهم أكبر من أن يفهموها أو
أن يجسدوها بالحفاظ على النسيج الواحد، فقد اختلط مفهومهم للحرية بالفوضى، حتى بعض المنظمات الدولية التي طالما تناشد بالحريات وبحقوق الإنسان، التمسنا منها الزيف بعد الخيانة الكبرى على البحرين، وبعد التهجم البربري من المنظمات على البحرين، التي كادت تجعل من البحرين عراقاً آخر، لولا حكمة وحنكة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه.
لو حصرنا الحرية في البحرين لوجدنا أبرزها؛ حرية التجمع والمسيرات والاعتصامات السلمية، وحرية النشر التقليدي والإلكتروني في وسائل الإعلام المختلفة، وحرية حق معارضة الحكومة بهدف الإصلاح والتقويم، وغيرها كثير، ولكن لكل حرية ضوابط وحدود لا يمكن تجاوزها، فهي خطوط حمراء، تتعدى على حقوق الإنسان منها ممارسة الحرية للتحريض على القتل أو الاعتداء على الآمنين، أو التجسس لحساب دول أجنبية، فهذه ليست بحرية وإنما تعتبر تآمراً على الحريات والحقوق التي حرص ديننا الحنيف بألا نتعداها.
برغم ذلك، فالبحرين تمضي بطريق واضح، فميثاق العمل الوطني هو أمانة بوثيقته التاريخية، وقد أخذ الملك وشعبه على عاتقهم بأن يسلكوا هذا الطريق معاً بخطى واضحة وثابتة توصل البحرين إلى المقام الرفيع الذي يرتضيه كل مواطن ويفخر من وطنه ووطنيته للأرض ولنظام الحكم الملكي الدستوري، ولهويته البحرينية العربية الإسلامية.