قد تكون مصادفة أن تتقاطع ذكرى الاتفاق على ميثاق العمل الوطني، 14 فبراير مع عيد الحب. وليست مصادفة أن تتقاطع ذكرى الاتفاق على الميثاق مع أحداث البحرين المؤسفة في 2011. ولكن الشعوب الحكيمة هي التي تستطيع أن تصنع من المصادفات معجزات تغير واقعها وتثبت دعائم الحكم الرشيد فيها.
عكس ميثاق العمل الوطني حالة إجماع تاريخية في البحرين. عبرت عن قناعة البحرينيين بهوية البحرين العروبية والإسلامية، وبشكل نظام الحكم، وبالمبادئ السياسية التي تصدر الحكومة البحرينية قوانينها، بالصورة التي وردت في الميثاق. والنسبة المرتفعة التي حققها التصويت على الميثاق تعبر عن نسبة اللحمة الوطنية الحقيقية في البحرين والوضع المثالي لحالة التفاهم بين أطياف الشعب من جهة وبين الشعب والحكومة من جهة ثانية. ومازال ميثاق العمل الوطني هو مرجعية جميع الأطراف في الخلافات حول الدستور أو حول الممارسات التشريعية والتنفيذية. مما يجعل ميثاق العمل الوطني الوثيقة الرسمية الجامعة للبحرينيين التي تستحق الاحتفال بها سنوياً.
جاءت أحداث فبراير2011 ليعلن الفصيل المتزعم لها اختلافه مع ترجمات ميثاق العمل الوطني التي تمثلت في الدستور بشكل رئيس. وقد يتفق البعض معه في بعض الأطروحات، ولكن الوسيلة التي تم فيها التعبير عن الاختلاف لم تكن وسيلة وطنية وأضرت بالبحرين ضرراً بالغاً. أسوأ النتائج التي خلفتها حركة 14 فبراير هو نشر ثقافة الكراهية والتشكيك والتخوين والانتقاص من منسوب الوطنية في دماء فئات من الشعب. وخلق حالة انفصال وتمييز في ضمير الشعب ووجدانه. وتلك مشاعر لم نعشها في البحرين سابقاً.
بعد أن مرت السنوات، وبعد أن بدأ «الشيطان» يحزم حقائبه ليغادر ويترك الشعب البحريني. بدأت الجراح تلتئم، وبدأ الوعي الذاتي بخطورة ما حصل قبل أربع سنوات يطفو إلى السطح، وبدأ اليقين بأهمية الوحدة الوطنية يسيطر على قناعات الغالبية من الشعب، خصوصاً وأن الواقع السياسي في الوطن العربي كشف أن مشروع الحروب الأهلية العربية وأطروحات التقسيم والتفتيت الجغرافي تقوم على أسس طائفية في كافة بقاع الوطن العربي. ومع ذلك مازال الناعقون بتفتيت الوحدة الوطنية ينعقون ومازالوا يمارسون الأدوات نفسها من تطويق القرى وحرق والإطارات والتهديد بالاعتصامات والإضرابات والزج بالأطفال في المواجهات مع رجال الأمن.
في ذكرى التصويت على ميثاق العمل الوطني التي تجسد مشاعر الحب في البحرين والولاء للوطن وللقيادة الشرعية، يتعين على النخب الفكرية والجمعيات السياسية أن تعمل على بناء أطروحات مستمدة من مبادئ الميثاق تنزع فتيل الأزمة في البحرين بصورة نهائية. وأن تصوغ رؤى جديدة للتفاهم على الملفات المختلف عليها التي يستغلها البعض لتفريخ الأزمات المتتالية. ذكرى الميثاق هي فعلاً ذكرى لقصص الحب البحرينية وتجلي لقلب البحرين الممتلئ حباً وعطاء وتسامحاً وترحاباً. وهي ذكرى تستحق زرع مليون شجرة «ورد محمدي» في حدائق البحرين ومنازلها.
كل عام والبحرين بلد الحب والاستقرار والأمان. وكل ذكرى ميثاق العمل الوطني والبحرين.. وشعب البحرين بألف خير.