لاشك أن للسياحة العالمية أهمية كبرى في اقتصاد الدول، وتعتبر رافداً أساسياً من روافد الاقتصاد والبديل عن النفط مستقبلاً، ولنا في إمارة دبي قدوة في هذا المجال؛ فقد وضعت استراتيجية للسياحة العالمية كمصدر أساسي في الدخل القومي، ويعود على المواطن والإمارة بآثار بدت واضحة في التطور السريع الذي يخطف الأبصار، وأصبحت كمحطة عالمية لاستقطاب كبرى الشركات العالمية والمستثمرين العرب والخليجيين، حيث أكدت الدراسات والإحصائيات الصادرة عن المجلس الاقتصادي في دبي اعتماد الإمارة على السياحة بنسبة 67%.
مملكة البحرين لديها الكثير من الكنوز العامرة بالتاريخ وبالحضارة العريقة، حيث القلاع والقبور التاريخية المترامية، والتي تحكي قصص عصور وأمم عمرت الأرض ومازالت واضحة المعالم لا يمكن إنكارها منذ 6 آلاف سنة قبل الميلاد.
والسؤال هنا؛ ألا يستحق المواطن البحريني أن يتمتع بالسياحة الداخلية أولاً ثم السياحة العالمية، وذلك باستقطاب السياح سواء الخليجيين أو الأجانب، وذلك من خلال استغلال الآثار مثل؛ قلعة البحرين وقلعة عراد وقلعة الرفاع، لكن للأسف ينقصها الكثير من البنية التحتية للسياحة مثل المطاعم العالمية وبعض محلات ريادة الأعمال للشباب والمرافق العامة الضرورية.
لقد أنعم الله علينا في البحرين بكونها عدة جزر في باطنها الكنوز الدفينة، ولكنها لم تستغل بالشكل الصحيح، مثل جزر حوار والـ14 جزيرة المهجورة التي لم تستثمر الاستثمار الحقيقي، فلو تحقق هذا لكانت دخلاً قومياً كبيراً يساعد الحكومة في حل الكثير من المشكلات الخدماتية المتعلقة بالسكن والصحة والتعليم، ولساهمت في حل مشكلة البطالة من خلال تشغيل المواطنين في الشركات الاستثمارية الكبرى للمواطن باستثمار شركات كبرى والتي ستقوم على هذه المشاريع، كما يمكن استغلال هذه الجزر لإقامة المنتجعات الصحية على مستوى عال أو لتكون مراكز لهواة الغوص أو معارض مائية ومهرجانات سينمائية.
من جانب آخر يمكن للصناعة أن تكون رافداً آخر من الروافد الاقتصادية للبحرين، وأعتقد بأن طموحنا جامح، فما علينا إلا استقطاب تجارب الآخرين في المجال الصناعي، مثل هونغ كونغ، والتي استطاعت أن تقوم مقام دولة في بناء مصانع، وقد استقطبت معظم الصناعات من الدول الأوروبية وأمريكا، كما في دول كثيرة في القارة الآسيوية، وهذا ما جعل هذه الدول متقدمة ومتحضرة في مجال الاستثمارات الصناعية.
والسؤال هنا؛ ما الذي ينقص البحرين لتكون مدينة صناعية يشار لها بالبنان؟ كل ما هو مطلوب مساحة من البحر والاتفاق مع الشركات الاستثمارية العالمية لإنشاء مصانعها، وبما يحتاجه السوق المحلي والإقليمي مقابل إيجارات طويلة الأمد تدفع للدولة، ولنأخذ على ذلك مثالاً؛ لنتخيل حاجة شركة كبرى مثل «سامسونغ» لمصنع قطع الغيار الأصلية في قلب الخليج العربي وفي موقع استراتيجي لتخدم العالم بأسرة، وهي حلقة الوصل بين الشرق الأقصى والأوسط والدول الأوروبية وأمريكا مع توفير المسافة والجهد وسرعة الوصول، وتوفير وقود المواصلات فضلاً عن العوائد الكبيرة من الأرباح على الدولة من الحركة البحرية للبواخر والناقلات الضخمة بوضع ضرائب أو رسوم مع توفر فرص العمل للشباب البحريني.
كل هذا يعني عائداً كبيراً للدولة وللفرد، إضافة إلى علاقات واستثمارات متلاحقة يتبعها تطور ومستقبل أكثر إشراقاً، وتسريع لخطى رؤية 2030.