تثبت دولة الخيانة الإسلامية «داعش» يوماً تلو الآخر، أنها لا تمت إلى الإسلام بصلة، وأنها صنعت خصيصاً لأسلمة الإرهاب، وتشويه الدين وهو ما يؤكده حرص الزمرة الداعشية على نسب أفعالها الدنيئة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية.
لطالما كان دأب دولة الخيانة فتل العضلات الداعشية المسمومة بأيديولوجيا الوحشية، ليصفق الغرب بحرارة الاصطياد في المياه العكرة، نعم.. إنه الإسلام موطن الإرهاب، ولذلك لم تتعد الحرب على داعش الزج بالعرب المسلمين في فوهات النار الداعشية.
عندما نقف على حروب العالم على الإرهاب، وما حظت به شارلي إيبدو من دعم ودندنة على وتر «الإسلاموفوبيا»، ونجد ضعف التعاطي مع «معاذ الكساسبة» ندرك تماماً أن الحرب لم تكن يوماً على الإرهاب، بل على المسلمين، عندما نجد أن أغلب الجماعات الإسلامية التي خرجت عن الطريق القويم وظلت تفسد وتتبجح باسم الدين إنما هي صناعة غربية بشكل أو بآخر، نصل إلى قناعة أن الحرب في البلاد العربية والإسلامية لم تكن أبداً حرباً على الإرهاب.
نقف للبحث عن موطئ قدم لحقوق الإنسان ومنظماته الدولية، لاسيما تلك التي جعلت من البلاد العربية، ومنها البحرين، قضيتها الأم وشغلها الشاغل، نتساءل عن دورها في ضياع تلك الحقوق المنتهكة لضحايا داعش، كما نقف في حيرة أخرى للتفتيش فعلياً عن الإنسان، الإنسان الذي يرتدع وتضبطه فطرته السليمة، الإنسان الذي ينحرف عن مساره بقدر محدد، أما أولئك المنفلتون الدواعش، فهم صنف لا يتجاوز الوحوش البرية الضارية، بلا دين ولا ملة ولا أخلاق.
واحدة من أجمل العبارات التي قرأتها في الأيام القليلة الفائتة تقول؛ «كثيرون على قيد الحياة.. قليلون على قيد الإنسانية»، وباعتقادي فإن كثير منا انعدمت إنسانيته باستسلامه لسبات الصمت وانحدارات الخذلان، كثير منا أصبح كائناً بشرياً منزوع الإنسانية حتى لم يعد يدرك أن عليه لزاماً اتخاذ موقف، والجانب الأهم الذي يجدر البحث فيه والوقوف عنده هو النتيجة المجهولة لتفاعل إنسانية الحكومات العربية، مع كرامتها التي لم يبق للبعض منها باقية.
باعتقادي.. أن الحكومات العربية المنضمة للتحالف ضد داعش في مأزق، ولعل أكثر المواقف وضوحاً وحسماً كان موقف الإمارات العربية المتحدة، بمعزل عن تقييم المحللين السياسيين والشامتين في بلدان شتى على رأسها إيران. لعل الأردن كذلك لا تقل حيرة، وهو ما يجعل جميع الأسئلة المحتملة معلقة بلا إجابات ناجعة.
العرق العربي الجديد منزوع الشعور، جميع الحكومات كما فعلت الإمارات يجب أن تقف وقفة جادة للتساؤل ماذا لو كان فلان وفلان وفلان من ضحايا داعش، عندما يكون فلان جندياً وآخر صحافياً وآخرون وآخرون من تلك الدول التي أعلنت الحرب على الإرهاب الداعشي. السؤال موجه للشعوب كذلك.. الشعوب العربية الضامرة.. أما زلنا بانتظار المزيد؟! أو ننتظر في كل بلد عربي معاذ يحرق ويصلب وينحر ويعذب لنفزع وليثور فينا الشرف؟ هل حان دور الشعوب في الضغط على حكوماتها من أجل استعادة الحق المغتصب؟ باعتقادي.. إن الوحدة التي خلفها استشهاد الكساسبة في الأردن، يجب أن لا تقف هناك، فلعلها الثورة العربية التي تعيد سريان الدماء في عروقنا المتجمدة منذ سنوات طوال.
كلي يقين.. أن داعش لا تختلف عن كثير من الجماعات المتطرفة المصنوعة، وبرأيي فإن صانعوها لم يفلتوا زمام الأمور بعد، ولكن غايات في نفس أحدهم لم تكشف بعد، وإن كشفت فلن يغير من الأمر شيئاً ما لم يستحضر العرب من تاريخهم مفهومي النخوة والشرف.