سوف أبدأ من نقطة بعيدة عما أود أن أطرحه اليوم؛ غير أن هذه النقطة البعيدة أحسبها قريبة أيضاً، حتى مع بُعدها، لأنها تصب في صلب الموضوع.
أردت أن ألقي الضوء على موقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- حين استقبل الرئيس الأمريكي في الرياض، وبعد استقباله في المطار، قام خادم الحرمين الشريفين بإخبار الرئيس الأمريكي أنه سيذهب ليصلي العصر ويعود إليه ثانية.
هذا الموقف خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز جعله يكبر أكثر في عيون أهل السعودية وأهل الخليج والعرب والمسلمين، هذا الموقف يعبر عن قوة شخصية الملك، ويعبر عن اعتزازه بدينه وصلاته حتى مع أن الزيارة من رئيس أكبر دولة، وهو الرئيس الأمريكي، الرئيس مرحب به في الزيارة لكن الصلاة أهم من أي شيء آخر.
كان الموقف رسالة واضحة للرئيس الأمريكي وللعالم أجمع، ويظهر صورة السياسة السعودية القادمة، ونحن نستبشر خيراً كثيراً بقدوم الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى سدة الحكم، ونأمل من الله أن يعينه على مواجهة الملفات الداخلية والمؤامرات الأمريكية والإيرانية والعراقية واليمنية، والتي في أصلها جميعاً مؤامرة إيرانية صفوية على بلد التوحيد، وبلد الحرمين الشريفين، فالحرمان هما الهدف الذي يسعى للوصول إليه (الأمريكان والصفويين)، لكن بإذن الله هذا لن يحدث.
نتمنى اليوم أن تكون سياسة السعودية في أول الملفات ما يحدث في اليمن، هذا الملف خطير ويجب أن يعاد الحق فيه لأهل الحق، وأن يندحر الصفويين إلى حجمهم الطبيعي، وأن يستعيد أهل اليمن أنفسهم زمام الأمور.
موقف خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس الأمريكي كان كبيراً، وأسعد كل إنسان موحد، بل إن من الغرابة في شيء أن هذا الموقف قد أسعد بعض المسلمين الذين يقصرون في صلاتهم، لكن الإسلام في قلوبهم، والتوحيد في قلوبهم، أنار الله قلوبنا وقلوبهم بالإيمان والصلاة واتباع الحق.
أمن الأوطان ليس فقط قوات أمن وجيوش وقوانين، رغم أنها مهمة جداً وأسباب لحفظ الأمن، إلا أن الأمن إنما هو هبة من الله على الإنسان وعلى الأوطان، من هنا فإن موقف خادم الحرمين الشريفين ليس بعيداً عما أنا بصدده اليوم.
كل ما مررنا به منذ 2011 كان بلطف وتقدير من عند الواحد الأحد سبحانه، والحمد على المحنة، والتي هي في أصلها منحة، والحمد لله أن الله حفظ لنا البحرين من كل مكروه ومن مؤامرة الأمريكان والصفويين، وحفظ لنا شرعية الحكم من كيد الكائدين.
النقطة التي بصددها اليوم هنا هي أننا نلمس أن هناك استعدادات تتم من أجل إعادة الفوضى للبحرين في هذا الشهر، وأن من مسوغات الفوضى أيضا وجود أمين عام الوفاق في السجن.
أخبرني أحد الإخوة الذين يعملون في محل تجاري في سوق واقف من أن التهديدات لبعض المحلات قد وصلت للإغلاق في يوم 14 فبراير القادم، وأن مثل هذه الدعوات يبدو أنها وصلت إلى أماكن تجارية أخرى من مناطق البحرين.
وهذا يعني أن هناك إعداداً معيناً لمرحلة أخرى من الإرهاب في هذا الشهر، كما أن من وجدوا في شقة في الدراز من أجانب قالوا إنهم يعدون بحثاً عن «ثقافة الشعوب» ليست صدفة، وقد يظهر لهم أقران في أماكن أخرى دخلوا البحرين يريدون دراسة «ثقافة الشعوب».
ولدي أسئلة هنا؛ هل كل من هب ودب يدخل البلاد ويجري بحثاً عن «ثقافة الشعوب» أو عن أي أمر آخر؟
هل لدى الذين تم الإمساك بهم في الدراز أوراق ثبوتية من الجامعة؛ تثبت أن الجامعة تريد بحثاً من منطقة الدراز بالبحرين؟
هل هناك ترخيص حصل عليه الطلبة من الجهات المعنية بالبحرين لإجراء البحث؟
المرجح أن إقامتهم في الدراز ليست لدراسة «ثقافة الشعوب»، ولكن هي ضمن مخطط معين، من هنا فإننا نعلق الجرس لوزارة الداخلية عن أقران هؤلاء في أماكن أخرى.
الغريب أن خبراً نشر مؤخراً بأنه تم إبعاد هؤلاء «الطلبة» عن البلاد، بينما لم نعرف حقيقة قدومهم للبحرين، وكيف سكنوا في الدراز، ومن البحريني الذي كان معهم؟
يبدو أن هناك تستراً على ما حدث وعلى الواقعة وهذا أمر مؤسف، كان يجب تطبيق القانون على أي جنسية كانت؛ هذا من باب السيادة للدولة.
على صعيد آخر رفعت وزارة الداخلية لمجلس الوزراء 72 اسماً لإسقاط جنسياتهم، ومن الواضح أن أغلب هذه الأسماء ليست مقيمة بالبحرين.
الضالعون في العمليات الإرهابية معروفون للجميع، لكن أيضاً وردت بعض الأسماء في القائمة لم نعرف لماذا أسقطت جنسياتهم.
المتورطون في الأعمال الإرهابية (المنفذون، والممولون، والمحرضون) هؤلاء من نتمنى أن تسقط جنسياتها تطبيقاً لتوصيات المجلس الوطني، نتمنى أن يحدث تحرك على كل من يدعم ويمول الإرهاب وأن تسقط جنسياتهم، هؤلاء لا يستحقون شرف تجنيسهم.
على الأجهزة الأمنية المعنية أن تقوم بدورها الاستباقي مع كل ما يعد من عدة لإحداث الفوضى، هناك مسؤولية كبيرة في العمل الاستباقي وفي مداهمة أوكار الإرهاب، وفي البحث عن أماكن إعداد المتفجرات والقنابل.
المرحلة تتطلب الكثير من العمل الاستباقي، وفي البحث عن مطلقي الدعوات الإرهابية لإغلاق المحلات التجارية وإرهاب الناس ومحاكمتهم، وأن يتم تأمين القرى حتى يستطيع الموظفين الذهاب لأعمالهم، كل ذلك نجحت فيه وزارة الداخلية فيما سبق من سنوات، ونتمنى أن يتطور العمل في هذا الشأن وأن نعد العدة لمن يعد العدة للفوضى.
ما زال الإرهاب هو التحدي أمام الاستقرار وأمام التنمية وأمام الاقتصاد والتجارة، من لا يرى ذلك فعلى عينه غشاوة..!