قال مخاطباً جلالة الملك والشعب البحريني خلال زيارة تاريخية قام بها لمملكة البحرين عام 2010، وقد حمل علم البحرين على كتفه خلال عرضة السيف: «تأتي زيارتنا هذه لا لتضيف جديداً؛ بل لتقول للآخر إننا وطن وشعب واحد!». «البحرين هي السعودية والسعودية هي البحرين»، «البحرين ابنتي الصغيرة وحدود المنامة الرياض وحدود الرياض المنامة».
أما جملته التاريخية الشهيرة التي قالها خلال أيام الأزمة «إنني كنت في انتظاركم.. لماذا تأخرتم؟».
هذه الجملة التاريخية مؤرخة في ذاكرة أكبر أزمة أمنية تمر بها مملكة البحرين، وفي التاريخ الذي سيستحضر مواقف قادة العرب، وفي العديد من المحطات التي سيستشهد بها التاريخ البحريني دائماً ويستحضرها.
هذه الجملة كانت قناعة ترسخت لدى الشعب البحريني المحب له بأن المغفور له بإذنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ليس ملكاً عادياً من ملوك العرب وأمراء الخليج، إنه ملك للتاريخ وللعروبة والشهامة، إنه ملك في المواقف الخليجية والإسلامية، إنه ملك في تطبيق مبادىء الإسلام التي تدعو أن ينصر الأخ أخاه؛ جملته تلك كانت فاصلة تاريخية فصلته عن جميع المواقف التي قدمتها دول تدعم أمن مملكة البحرين آنذاك وجعلته استثنائياً، جعلته في خانه أخرى لوحده تسكن قلوب البحرينيين.
قوات درع الجزيرة، وهي تعبر جسر الملك فهد آتيه لنجدة ابنته البحرين، لم تحمل رسالة خليجية أخوية في دعم استقرار البحرين فحسب؛ بل حملت يومها رسالة شخصية منه إلى قيادة وشعب البحرين، القوات المارة بشوارعنا يومها كانت تحمل شيئاً من ملامح وجهه وشهامته روحه، فوجهه كان حاضراً مع كل الدعم الذي حظي به الشعب البحريني أيامها، كلماته كانت البلسم المهدئ لنفوس الأمهات اللواتي كن يذرفن الدموع، مواقفه وتحركاته كانت صمام أمان لكل الأنفس التي تاهت وسط مشاهد الفوضى والتخريب، حبه الشديد للبحرين كان أشبه بمؤامرة أطاحت كل المؤامرات ومحاولات الانقلاب، حبه كان الدرع الأقوى للبحرين، كان كمثل القوات الخاصة المساندة التي صانت أرض البحرين.
حينما يقف الأخوة لنجدة أخيهم تتجلى أسمى معاني الأخوة وصور التلاحم، لكن حينما يقف الأخ الأكبر ليحمل رسائل تاريخية إلى جميع دول العالم بأن البحرين هي ابنته الصغرى المدللة التي لن يرضى عليها، فهي رسالة ذات أبعاد أكدت للجميع أن البحرين خط أحمر، وأن وراءها ظهر كبير وقوي، وأنها محمية بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل هذا الملك الذي حفظ كل شعب مملكة البحرين مواقفه جيداً، شعب ترسخت لديه قناعة أنه لولا وقفاته -رحمه الله- ودعمه اللامحدود هو وأشقائه الآخرين لكانت البحرين اليوم -لا سمح الله- شلالاً من الدم ونسخة مشابهة لما يحدث في دول عربية مجاورة كسوريا والعراق، لذا لا تسألوا أهل البحرين عن مدى حبهم للفقيد الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بل اسألوهم عن مدى الحزن الذي يسكنهم اليوم، اسألوهم عن «حب عبدالله» الذي سيفتقدونه، وعن خسارتهم للكلمات الأخوية الجميلة التي كان عندما يقولها رحمه الله تصل لقلوبهم المكلومة اليوم بالحزن عليه، اسألوهم عن كثير الحب الذي دللهم به أبو متعب -رحمه الله-، عن الحب الذي رحل برحيل هذا الرمز الخليجي الذي كان استثنائياً في كل شيء؛ حتى في حبه لهم.
المحبة من الله، وكان حبه للبحرين واضحاً في كل تحركاته وخطواته، كانت مواقفه العديدة مع مملكة البحرين ودعمه ومساندته أكبر بكثير مما هو ظاهر على السطح، تحركاته كانت شاهدة على مدى اهتمامه في البحرين، ففي عهده توطدت العلاقات البحرينية السعودية بشكل كبير لتجسد فعلاً قناعة أن أحزاننا أحزانهم وأحزانهم أحزاننا، لذا فالشعب البحريني اليوم، كما الشعب السعودي الشقيق، فقد أحد ولاة أمره.
أبا متعب -رحمه الله- في كثير من المحطات في حياته تحامل على مرضه ومتاعبه لأجل المضي في قيادة سفينة الأمن الخليجي، كان خير قدوة لتعريف الشعب الخليجي بالاتحاد الخليجي قبل إشهاره، كان أستاذاً في مدرسة «خليجنا واحد وشعبنا واحد».
فقيدنا الراحل لم يؤسس المملكة العربية السعودية المحبة للبحرين فحسب؛ بل أسس مملكة أمنية وقلعة حصينة في البحرين والخليج، لذا فإن غيبك الموت عنا يا ناصر البحرين والعروبة رحمك الله فلن تغيب أعمالك الإنسانية، ستظل شاهدة على تاريخك الكبير وإنجازاتك للعرب والمسلمين، حكمت يا أبا متعب قلوب المسلمين قبل أن تحكم قضاياهم وأمورهم، عرفك الشعب البحريني في مواقفك الشامخة دائماً لكنه تعرف عليك أكثر خلال أزمته الأمنية، فكنت خير قدوة لشعبك السعودي في حب البحرين ورعايتها، كنت ولي أمر المسلمين وخادم لقضاياهم وهمومهم، كنت ملك لتاريخ العروبة والإنسانية.
قلت يوماً لشعبك الذي نحسب أنفسنا منه: «يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم دائماً وأستمد العزم والعون والقوة من الله ثم منكم فلا تنسوني من دعائكم»، لذا لن ينساك الشعب البحريني الذي حفظته من الفتن، ولن تنساك الأرض التي حقنتها من الدماء، ولن ينساك التاريخ البحريني الذي سيحملك في ذاكرته دائماً، ولن ننساك من دعائنا يوماً، إن الأمن الذي تنعم فيه البحرين اليوم بفضل من الله ثم بفضل تحركاتك دعاءً لك، وإن ذود الأعداء عنا وخوفهم من سلب استقرارنا دعاءً لك، إن كل أيامنا القادمة الجميلة الآمنة تحمل دعاءا لك.
أبا متعب.. رحيلك متعب جداً، كان الله في عوننا على فقدانك.