لسنوات طويلة كانت السياحة والثقافة إدارتين من دوائر وزارة الإعلام وكان الاهتمام بهما يتفاوت بين مرحلة وأخرى لكن الثابت أن السياحة كانت تحقق إيرادات مالية وأن جزءاً كبيراً من تلك الإيرادات كان يعاد تدويرها في إقامة منشآت سياحية جديدة أو تطوير أخرى قائمة في مرحلة تالية، وفي ظل وزارة الإعلام أيضاً حاولت الثقافة أن تتمرد على الوزارة بالتصرف بمفردها بالاتفاق مع الفرق والمقاولين وإقامة المشروعات الأمر الذي أدى إلى أن تضطر الوزارة تحويل كل إيرادات السياحة من رسوم الفنادق والشقق المفروشة واستقدام الفرق الفنية وغيرها لتسديد فواتير الثقافة التي باتت تستهلك مخصصاتها المالية منذ بداية العام..
حدث هذا في عهد وزارة الإعلام وكذلك في عهد وزارة الثقافة والإعلام وعهد وزارة الثقافة والتي دخلت السياحة تحت مظلتها وهو العهد الذي زادت فيه مصروفات الثقافة بشكل كبير لدرجة أصبحت فيه إيرادات السياحة لا تساوي شيئاً، وما أورده تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير من أمثلة لمصروفات وزارة الثقافة لأكبر دليل على تبديد هذه الوزارة للمال العام بشكل غير قانوني وعلى أنشطة ومشروعات غير وطنية.
إن هذا الوضع، وهذه التطورات تجعلنا نعيد النظر في شأن هذين القطاعين، قطاع الثقافة وقطاع السياحة وذلك بفصلهما أولاً والبدء بإعادة تشكيلهما من جديد بناء على دراسات توضع من قبل منظمات عالمية متخصصة ودول معروفة عالمياً بالنجاح في واحد من هذين القطاعين أو أكثر، وفي كل الأحوال فإن التطوير المنشود يحتاج إلى تشريعات خاصة ومن ثم إلى تأسيس مجلسين واحد للثقافة وآخر للسياحة يتألفان من أصحاب المهنة والاختصاص ويتمتعان بالاستقلالية وبصلاحيات وضع السياسات المتعلقة بتطوير القطاع.
نحن إذاً بحاجة إلى وزارة ثقافة مختلفة عن تلك التي كانت، وزارة مؤسساتية يشرف عليها مجلس وتدار بأسلوب الفريق والسياسات والأهداف، وليس بأسلوب التسلط الفردي والمزاج، وزارة تعمل على تأسيس وإقامة المزيد من الفعاليات والمشروعات الوطنية التي تبرز الثقافة البحرينية وتعلي شأن الفنان والمبدع البحريني ولا نريد وزارة ثقافة تجسد دور عذاري في سقي البعيد..
ونريد هيئة سياحة لها مجلس ولها قانون وقائمة على رؤية وأهداف اقتصادية، تعمل على جعل قطاع السياحة بعيداً عن الأهواء والأمزجة ومساهماً بقوة في تنويع مصادر الدخل ودعم الاقتصاد بإيرادات جديدة ومتنامية.