حين يغيب الزعماء الكبار يبقى في ذاكرة الناس ووجدانهم أمران اثنان أكثر سطوعاً غير الإنجازات والذكريات والمواقف والشواهد.
فقدنا برحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله رحمة واسعة وأمد له في قبره مد بصره، فقدنا أباً وقائداً ورجلاً شهماً لا يرد من أتاه يطلبه، وفارساً من فرسان العرب والزمن الأصيل.
رحم الله من شمل المسلمين بعطفه ومحبته، رحم الله من كان يمد يده من أجل إصلاح ذات البين بين الأشقاء والدول، رحم الله من يبادر بالمساعدات لكل الأقطار العربية والإسلامية مع كل كارثة.
رحم الله الذي أحب شعبه وأفنى عمره من أجلهم، فبادلوه الحب بالحب، والحب بالولاء والانتماء، حتى بكت عليه الأطفال قبل الكبار، رحم الله صاحب مبادرات فصل التوائم السياميين، وجعل الله كل ذلك في ميزان حسناته.
حين ترحل الهامات الكبيرة تبقى في وجدان وذاكرة الناس أمرين، الأول في تقديري هي المواقف السياسية والوطنية. أما الثانية، فهي المواقف الإنسانية، وهذه المواقف كثيرة ومتعددة، منها ما يصل إلى الناس ومنه ما كان مخفياً ولا يعلم عنه إلا الخاصة الذين نفذوا الأمر الملكي. مواقف الملك عبدالله -رحمه الله- الإنسانية لا يمكن حصرها في عمود صحافي، غير أن حبه لفعل الخير داخل المملكة وخارجها كان من العلامات البارزة في عهده حتى قبل أن يتولى مقاليد الحكم.
حين يسمع خادم الحرمين الشريفين -رحمه الله- عن حالات المرضى لا يتوانى عن إصدار أمره بعلاج المرضى، سواء بداخل وخارج المملكة.
أما مواقف خادم الحرمين الشريفين السياسية والعربية والإسلامية، فكانت من أهم مواقف الملك عبدالله بن عبد العزيز -رحمه الله- موقفه من القضية الفلسطينية، والتي كانت تشكل هماً شخصياً له، وقد بذل من أجلها الكثير من الجهود والمواقف.
أما موقفه الأبرز في الخليج، فهو إعلانه قيام الاتحاد الخليجي بدل مجلس التعاون، هذا ربما كان أبرز المواقف التي كانت تشكل حلماً لأهل الخليج من المخلصين.
أما نحن في البحرين، بشكل خاص، فإن موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز من الأزمة التي مرت بها البحرين لا ينسى، ويبقى في ضمير ووجدان كل بحريني محب لوطنه.
هذا الموقف من الملك عبدالله، بفضل من الله وتوفيق منه، دحر المشروع الأمريكي الصفوي بالبحرين حين جاءت قوات درع الجزيرة بأمر منه ودخلت لحماية الأماكن الحيوية بالبحرين، وفي ذلك كانت رسالة كبيرة فهما الجميع وأصحاب المشروع الانقلابي في الداخل والخارج.
لا ننسى للملك عبدالله بن عبد العزيز موقفه مع ابنته الصغيرة البحرين، ولا ننسى دعم المملكة العربية السعودية للبحرين سياسياً واقتصادياً وعلى كافة الصعد، وهذا كان يحدث في حكم أبناء الملك عبدالعزيز الموحد، كل ذلك لا ينساه أهل البحرين ولن ينساه أبناء البحرين المخلصين المحبين لوطنهم.
حبنا للمملكة العربية السعوديه لا ينفصل عن حبنا للبحرين، فهما في عيوننا صنوان.
اللهم احفظ حماة راية التوحيد.. واحفظ وطن التوحيد.. واحفظ بلاد الحرمين من كل شر ومكروه، وجعل الخير في الخلف خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، وأعانه الله على الخير وقيادة المملكة وشعبها والخليج العربي إلى ما فيه الخير والصلاح.
لا يبغض السعوديه إلا من كان في قلبه مرض، ولا يحبها إلا من فيه من فطرة الإسلام والتوحيد الكثير. اللهم ادحر واهزم من يبغض راية التوحيد، واجعل كيدهم في نحورهم وأرنا فيهم أياماً سوداً.