تقع اليوم مسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة من جهة وعلى عاتق السادة النواب من جهة أخرى، الحكومة اجتهدت من جانبها لوضع برنامج حكومي يلبي تطلعات المواطنين بالتوازي مع ما يمكن إنفاقه من خلال الميزانية العامة، كون الميزانية هي أداة تنفيذ المشاريع، هكذا قال المسؤولون أنفسهم عن برنامج الحكومة.
من جانب آخر، يقوم اليوم السادة النواب بدورهم من خلال طلب نقاط وجدوا أنها لم ترد في برنامج عمل الحكومة، وهذا من حقهم كنواب عن الشعب، أيضاً ربما يدرك بعض الإخوة النواب أن زيادة المطالبات في برنامج الحكومة سيعني بالتأكيد زيادة حجم الميزانية العامة وبالتالي زيادة الدين العام.
طلب السادة النواب لمؤشرات الإنجاز والقياس كان في محله، ويصب في الاتجاه الصحيح، ذلك أن هناك وزارات لا تقوم بإنجاز مشاريعها في الوقت المحدد، بل ولا يتم محاسبة المقاولين (مثلًا) على تأخر إنجاز المشاريع.
بالمقابل يقول بعض المقاولين إن التأخير ليس كله بسببهم، وإنما هناك بعض التأخير بسبب عدم استلام المقاولين لمخصصات المشروع، ولا نعلم أين الحقيقة..!
نحتاج اليوم أن يذهب (النواب والحكومة) في اتجاه واحد، وأن يتم التوافق بين الجانبين (ونحسب أن الجهتين تضعان المواطن كأولوية) كما يجب على الحكومة أن تجيب على أسئلة النواب بخصوص المشاريع الإسكانية أو الطلبات الإسكانية، وقد قلت سابقاً هنا أن الدولة ارتكبت أخطاء كبيرة في موضوع سقف الراتب لبيوت الإسكان.
فذهبت هذه البيوت باتجاه معين، والجميع يعرف ويدرك أن بيوت الإسكان إنما هي (دوائر انتخابية) فالموضوع ليس فقط خدمياً، وإنما له تبعات كبيرة على التركيبة السكانية، من هنا فعلى الدولة أن تنظر إلى الطلبات الإسكانية بنظرة مختلفة عما هو معمول به اليوم.
كمواطنين نأمل أن يتم التوافق بين الحكومة والنواب لما فيه مصلحة الناس، على أن توضع احتياجات الناس، وطلباتهم كأولوية لدى الحكومة والنواب، ونحسبهم أنهم يجتهدون لذلك.
الدخول في نفق المهاترات أو الاستعراضات من قبل بعض النواب قد يدخلنا في نفق مظلم، بل قد تتعطل الكثير من المشاريع، وسيتأخر صدور الميزانية العامة، كما أن الميزانية العامة كموضوع للنقاش داخل مجلس تتطلب وقتاً وجهداً أكبر من مشروع برنامج عمل الحكومة.
ومن يدري إذا ما ركب بعض النواب رأسهم في طلبات تعجيزية فإن هذا قد يقود إلى حل الحكومة أو المجلس المنتخب، وما نراه أنه أقرب كمراقبين، إن المجلس المنتخب هو الذي سيحل، من هنا فإن الأمور ستتعقد أكثر كلما تأخر التوافق بين النواب والحكومة.
تصريحات رئيس اللجنة النيابية لمناقشة البرنامج الحكومي، الأخ علي العرادي، أمس في صحيفة «الوطن» كانت عقلانية، وقد أوضح أن هناك 4 أو 5 نقاط خلاف مع الحكومة حول البرنامج، وقد قال العرادي بما معناه: «أننا نأمل أن نتجاوزها ونصل إلى توافق حول النقاط المتبقة».
هذا الأمر طيب، خاصة إذا ما تم وضع مؤشرات قياس الأداء والإنجاز، ووضع جدول زمي لإنجاز المشاريع.
وسط كل هذا فإن هناك أيضاً تساؤلات حول وضع السياحة والثقافة، فإذا لم يتم حسم أمر السياحة والثقافة إلى أي جهات تتبع، فكيف سينظر النواب في مشاريع السياحة والثقافة من خلال برنامج عمل الحكومة حتى على سبيل الخطوط العريضة؟
وهذا يظهر أن هناك تأخيرا في حسم موضوع السياحة والثقافة، وبالتالي لا يستطيع النواب معرفة برنامج عمل الحكومة لجهتان مهمتان وتخصص لهما ميزانية كبيرة خاصة الثقافة، التي قيل إن لها ميزانية مفتوحة في السابق.
فهل تم وضع برنامج للثقافة والسياحة بشكل عام في برنامج عمل الحكومة دون تحديد أي الجهات تتبع؟
موضوع السياحة تحديداً يستحق النقاش من قبل مجلس النواب، فبعد كل هذه الأعوام من عدم الاهتمام بالسياحة كمصدر دخل يعوض الاعتماد على النفط، فإننا نأمل أن تضع الدولة خطتها للسنوات الأربع القادمة وتضع المشاريع السياحة الكبيرة التي ستنفذ ضمن برنامج عمل الحكومة.
غير أن موضوع السياحة لم يحسم بعد، لا يعرف هل ستكون هيئة مستقلة (وهذا ما نأمل أن يكون) أم ستتبع وزارة الصناعة والتجارة كما كان من المفترض أن يحدث في التعديل الوزاري الأخير.
مُحبط لنا جميعاً ألا يوجد اهتمام بمشاريع كبرى للسياحة من قبل الدولة (أو بالشراكة مع القطاع الخاص) بينما هي تشكل مصدراً هاماً من مصادر (عجلة الاقتصاد والتجارة) وإذا كانت الدولة لا تضع ذلك ضمن استراتيجية أربعة أعوام قادمة، فمتى سنضع استراتيجية لتطوير السياحة وفتح السواحل؟
من المهم جداً أن تضع الحكومة الموقرة هذا الأمر في أجندتها، وكذلك السادة النواب، فلا يمكن أن يوضع برنامج عمل للحكومة دون أن يتم تحديد موضوع الوزارات أو الهيئات أو الإدارات، والأمر هنا يتعلق بالسياحة والثقافة..!
هناك تحفظات لدى الحكومة على بعض طلبات النواب ذلك أن هذه الطلبات ستعني أرقاماً إضافية في الميزانية العامة، جزئياً نتفق مع ذلك، غير أن المواطن أيضا يقول إن على الحكومة من جانبها أن توقف هدر الأموال في الوزارات، وقد قرأ الجميع ذلك في الصحف حين نشر تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير، وقد أظهر حجم هدر الأموال داخل الوزارات والشركات الحكومية.
هذه الأموال لو ذهبت إلى احتياجات الناس كان أفضل بكثير من أن تذهب مع الريح أو تضيع في مكان ما، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة الموقرة أن تقوم بمراقبة صارمة على صرف الأموال داخل الوزارات، هذه الرقابة الحكومية مطلوبة اليوم.
حتى وإن كان هناك ديوان للرقابة مالية، ألا تقوم الحكومة نفسها وتراقب وتحاسب كل من يقوم بهدر الأموال العامة دون وجه حق أو بشكل مبالغ فيه داخل الوزارات.
هناك نقاط كبيرة وتؤثر بشكل كبير على الميزانية العامة للدولة، قبل أيام زار وزير التربية والتعليم مدرسة الحنينية تحت الإنشاء، وقال إن تكلفتها 5 ملايين دينار، وأعتقد بالنظر إلى حجم المشروع وتفاصيله نظرياً فقط، فإن هذا الرقم كبير، وهو يتعلق بوزارة الأشغال كوزارة منفذة وليس بوزارة التربية.
وزارة الأشغال لديها مشاريع كبيرة ومليونية، غير أن السؤال هنا؛ هل هناك مبالغة في حجم تكلفة المشاريع؟
5 ملايين دينار بحريني، بالله عليكم كم مدرسة تبني في مصر (مثلاً)..؟
لا نشكك في ذمم أحد إطلاقاً، لكننا نطالب بالنظر إلى موضوع كلفة المشاريع قياساً بالمشروع المنجز على الأرض من قبل شركات متخصصة، هل الكلفة حقيقة أم مبالغ فيها؟
طرحت سابقاً أن وزارة الأشغال تبني صالة رياضية للأندية بمبلغ مليون دينار، بينما حين طرحت مناقصة الصالة بذات المواصفات لمقاول آخر كانت كلفة الصالة 600 ألف دينار.. بمعنى أن هناك فرقاً يقدر بـ 400 ألف دينار؟
هذا الموضوع في صالة رياضية تتبع ناد رياضي، فما بالكم بمشاريع كبيرة جداً؟
أعتقد أن على الحكومة من جانبها، وعلى ديوان الرقابة المالية أيضاً أن يبحث في الكلفة الحقيقية للمشاريع ونتمنى ألا نجد كوارث في هذا الجانب تتعلق بتقدير قيمة المشاريع ومناقصاتها.
بالمقابل هل يبحث مجلس المناقصات من جانبه الكلفة الحقيقية للمشاريع، أم يكتفي فقد بطرح المناقصات؟
ما نأمله اليوم هو أن لا يتم تعطيل التنمية في البحرين من خلال تأخير برنامج عمل الحكومة، وبالتالي ستتأخر مشاريع كثيرة وكبيرة مثل الميزانية العامة، كما لدى النواب قوانين كثيرة تحتاج إلى مناقشات طويلة، ناهيك عن تقرير دوان الرقابة المالية الذي دخل الأدراج!
باعتقادي أن المطلوب اليوم هو أن يتم التوافق بين الحكومة ومجلس النواب للاتفاق على تقديم مشاريع يكون محورها المواطن، وأن يصل الطرفان إلى نقطة سواء، هذا ما نأمله حتى لا تتعطل مشاريع التنمية والميزانية عن المواطن.

** أحد الإخوة أرسل لي رسالة يقول فيها إن هناك أموراً كثيرة تحتاج إلى تصحيح في شركة مطاحن الدقيق، وقد أورد نقطة هامة في رسالته يدعي معرفته بها، حيث قال إن شركة مطاحن الدقيق استوردت مؤخراً قمحاً من بلد تعرض لإشعاع نووي.
نطرح هذا السؤال هنا؛ هل هذه المعلومة صحيحة؟ هل تم فحص القمح وتحليل عينات منه؟ وهل لدينا مختبرات لذلك؟
أتمنى أن تكون معلومات الرسالة الواردة لي خاطئة، لكن الموضوع خطير ويستوجب مساءلة شركة المطاحن.

** كل الشكر للنائب العام
ما قامت به النيابة العامة من تحريك دعوة في موضوع اللحوم الفاسدة ضد 5 أشخاص بشركة المواشي يستحق الشكر والتقدير من أهل البحرين ذلك لقيام النيابة العامة بدورها الوطني والقانوني في موضوع اللحوم الفاسدة.
فلا يوجد شيء أهم من صحة المواطنين والمقيمين، كما أن تكرار حوادث اللحوم الفاسدة يعطي مؤشرات خطيرة.
كل الشكر للنائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين على جهود النيابة العامة في هذا الاتجاه، وعلى تخصيص نيابة عامة مختصة بجرائم الفساد والأموال العامة، وهذا يظهر أن هناك اهتماماً كبيراً من قبل النيابة العامة في موضوع الأموال العامة والفساد.