على الرغم من عبارات المجاملة التي تدفقت من هنا وهناك بعد انفضاض الاجتماع المشترك بين وزراء الحكومة ولجنة مجلس النواب المكلفة بدراسة برنامج الحكومة، فإن التصريحات الرسمية وغير الرسمية التي رشحت من الاجتماع دلت على أن الجانبين خرجا برأيين متعارضين في المسار وفي النتيجة.
لجنة النواب طلبت من الحكومة أن توافيها بتفاصيل خطوات تنفيذ المبادرات الواردة في برنامجها، وهي المبادرات التي لا تعد كونها عناوين عامة، كما طلبت أن تضع الحكومة إطاراً زمنياً للتنفيذ، فهل سيتم تنفيذ هذا الكم الكبير من المبادرات في نهاية الأربع سنوات القادمة دفعة واحدة، أم كل مبادرة ستستغرق زمناً معيناً ومختلفاً، وفي كل الحالات لا يمكن القبول ببرنامج تنتهي سنواته الأربع بنسبة تنفيذ غير معروفة مقدماً، وبالتالي تفوز الحكومة بثقة هي غير أهلة لها.
لجنة النواب طلبت من الحكومة أيضاً أن تضع وتحدد أداة لقياس مدى تنفيذ كل محور من المحاور الستة وكل استراتيجية وكل مبادرة، وربطت بين هذا الطلب والاطلاع على بعض الوثائق المرجعية للاستئناس بما ورد فيها من مبادرات وأدوات قياس عائدة لجهات دولية متخصصة، ومن أهم الوثائق المرجعية هنا رؤية البحرين 2030 والاستراتيجية الاقتصادية الوطنية 2009 – 2014.
والطلب الأخير للجنة النواب كان تبيان الموارد المالية التي ستخصص لتنفيذ البرنامج سواء خلال فترة الميزانية 2015 – 2016 أو على مدى فترة البرنامج المحددة بأربع سنوات، وفد وزراء الحكومة وجد نفسه غير قادر على تقديم التفاصيل التي طلبها النواب لأن تقديمها يعني وضع برنامج آخر مختلف أكثر شفافية وأكثر التزاماً بالتنفيذ، كما وجد نفسه غير قادر على تحديد الموارد أو المخصصات المالية المرتبطة بتغذية وتنفيذ مبادرات البرنامج لذا طلب من النواب أن يقدموا طلباتهم في رسالة مكتوبة إلى الحكومة لكي تتمكن من خلق توازن بينها وبين أرقام الميزانية المنتظرة.
فإذا ربطنا بين هذا الوضع الذي تواجهه الحكومة وبين تصريح عضو بمجلس الشورى ذكر فيه أن الحكومة لن تقدم الميزانية العامة إلا بعد أن يوافق النواب على برنامجها لاتضح لنا معاناة الحكومة الحائرة بين تقرير ما إذا كانت البرنامج أولاً أو الميزانية أو البيضة أولاً أم الدجاجة!